الإطار القانوني للعملات الرقمية

الإطار القانوني للعملات الرقمية: نظرة عامة مع تركيز على المغرب

1. الاتجاهات العالمية في تنظيم العملات الرقمية

تشهد العديد من الدول تحولات جذرية في سياساتها تجاه العملات الرقمية، بين تشديد التنظيم أو اعتمادها كجزء من النظام المالي:

  • المملكة المتحدة: تعمل على تطوير إطار تنظيمي مستقل عن الاتحاد الأوروبي (MiCA)، مع تأخير بسبب التغييرات الحكومية، ومن المتوقع تطبيقه بحلول 2025 .
  • الولايات المتحدة: توقعات بتمرير قانون FIT21 الذي يحدد أدوار الهيئات الرقابية (مثل SEC وCFTC) ويصنف الأصول الرقمية .
  • الهند: تواجه ضغوطًا بسبب هجرة المبتكرين، مما قد يدفعها لتسريع التنظيم، خاصة مع خطط لإطلاق عملة رقمية للبنك المركزي (CBDC) .
  • الصين: تشير تقارير إلى تخفيف الحظر على العملات الرقمية تدريجيًا، رغم استمرار هيمنتها على تعدين البيتكوين .

2. حالة العملات الرقمية في المغرب: من الحظر إلى التقنين

مر المغرب بتحول كبير من حظر تام (2017) إلى إعداد إطار قانوني متكامل:

  • الحظر السابق: اعتبرت السلطات العملات الرقمية “غير قانونية” بسبب المخاطر الأمنية وغياب الحماية القانونية .
  • مشروع القانون الجديد: أعلن والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، عن اكتمال إعداد مشروع قانون لتنظيم العملات المشفرة بدعم من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بهدف تحقيق التوازن بين الابتكار وحماية المستثمرين .
  • العملة الرقمية الوطنية (e-درهم): يجري بنك المغرب دراسات لإطلاق عملة رقمية رسمية لتعزيز الشمول المالي ومواكبة التطورات العالمية .

3. التحديات والانتقادات

رغم التقدم، لا تزال هناك مخاوف وتحديات تواجه التنظيم:

  • الفراغ التشريعي السابق: أدى إلى تضارب في الأحكام القضائية، حيث تباينت تفسيرات المحاكم بين اعتبار العملات الرقمية مخالفة لقانون الصرف أو خارج الإطار القانوني .
  • المخاطر الاقتصادية:
  • خروج النقد الأجنبي عبر التحويلات غير المنظمة .
  • استخدام العملات في غسل الأموال أو التهرب الضريبي .
  • الانتشار الواسع رغم الحظر: بلغ عدد حاملي العملات الرقمية في المغرب 1.5 مليون شخص عام 2022، مع تداولات بقيمة 12.7 مليار دولار (2023-2024) .

4. المنافع المتوقعة من التقنين

  • حماية المستثمرين: توفير قنوات قانونية آمنة للتداول، وإمكانية مقاضاة حالات الاحتيال .
  • جذب الاستثمارات: تحفيز الشركات الناشئة وجذب استثمارات أجنبية في قطاع التكنولوجيا المالية .
  • تعزيز الإيرادات الضريبية: تحصيل ضرائب من الأرباح الهائلة في هذا القطاع، والتي تُقدَّر بمليارات الدولارات .
  • الشمول المالي: تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية عبر الأدوات الرقمية، خاصة للفئات المحرومة .

5. السياق الدولي وتأثيره

يتأثر المغرب بالتحولات العالمية، حيث تسعى دول مثل الإمارات والولايات المتحدة إلى استقطاب شركات التكنولوجيا المالية. يُعتبر التقنين خطوة لتعزيز مكانة المغرب في الساحة المالية الدولية، خاصة مع تزايد الاعتماد على العملات الرقمية في التحويلات الدولية .


الخلاصة

يسعى المغرب إلى الانتقال من مرحلة “الفراغ التشريعي” إلى وضع إطار قانوني متكامل للعملات الرقمية، مستفيدًا من الخبرات الدولية. يُتوقع أن يسهم هذا القانون في تحقيق توازن بين دعم الابتكار التكنولوجي وتقليل المخاطر الاقتصادية والأمنية. ومع ذلك، تبقى التحديات قائمة، مثل ضمان مراقبة فعالة للتحويلات وتجنب التأثير السلبي على العملة المحلية. يُشكِّل هذا التحول فرصةً لتعزيز موقع المغرب كرائد رقمي في المنطقة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى