محاور الموضوع: المبحث الأول:دور الجماعات الترابية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلب الأول:اختصاصات الجماعات الترابية في مجال التنمية الفرع الأول: على مستوى المجالس الجماعية الفرع الثاني: على مستوى العمالات و الأقاليم الفرع الثالث: على مستوى الجهات المطلب الثاني:الوسائل الكفيلة بتحقيق التنمية على مستوى الجماعات المحلية المبحث الثاني: معيقات التنمية على مستوى الجماعات المحلية المطلب الأول: على المستوى الداخلي المطلب الثاني: على المستوى الخارجي
تقديم: لقد أصبح دور اللاّمركزية في عصرنا الحاضر يتزايد يوما بعد آخر في البناء الديمقراطي العام للدولة. فتشعب مهام الدولة وتكاثر مسؤولياتها أدى بها إلى ترك جزء من الوظيفة الإدارية والاجتماعية و خاصة الاقتصادية إلى وحدات إدارية وترابية تعتمد التمثيلية عبر آلية الانتخاب، بحيث يصبح لممثلي السكان اختصاصات موسعة في مختلف المجالات ودلك حسب الفصل 100 من مقتضيات الدستور .كما أن زيادة الطلب على الخدمات المختلفة بصورة تعكس استجابة سريعة وحقيقية لاحتياجات المواطنين و تمثيلهم و نقل وجهة نظرهم و مشاركتهم في رسم السياسات العامة التي تخدم المجتمع و المواطنين ، ساهم في إنشاء و بروز مؤسسات الدولة كشريك أساسي للحكومة ،ودلك من منطلق أن الاهتمام و العناية بالأمور المحلية ستؤدي إلى المساهمة في أدوار تنموية جادة . كما إن تعدد وازدياد أدوار الجماعات المحلية في كل التجارب التي تأخذ باللاّمركزية أدّى إلى اعتماد آليات مالية مهمة تمكن هذه الجماعات من موارد تستطيع من خلالها القيام بهذه الأدوار، ويعتبر إدراج الجهة كجماعة المحلية بمقتضى دستور 1996 وقانون رقم 96-47 تدعيم لاتجاه الذي رسمه المغرب في هذا المجال والذي يقوم على اعتبار اللامركزية الاقتصادية مفتاح التقدم بمختلف أوجهه والمعالجة الواقعية و الفعالة للتخلف.
******
. وبالتالي نخلص إلى طرح التساؤل عن حدود دور الجماعات المحلية في التنمية؟و إلى أي حد تقوم الجماعات بال دورالمنوط بها كاملا؟ و ماهي حدود تدخلها في المخطط التنموي الاقتصادي والاجتماعي بعيدا عن قيود الوصاية؟
وبعد هدا التقديم يمكننا القيام بدراسة مختلف التمظهرات التفصيلية لدور الجماعات المحلية في التنمية من خلال تقسيم العرض إلى مبحثين:
v الأول سنقوم فيه بدراسة دور الجماعات المحلية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية
v أما المبحث الثاني فسنقوم فيه بدراسة معيقات التنمية على مستوى الجماعات المحلية
المبحث الأول:دور الجماعات الترابية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية
يمكن أن نعتبر الجماعات المحلية مؤسسات للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية إذا توفرت الشروط الدستورية و القانونية و الاقتصادية التي تساعد فعلا على قيام تلك الجماعات بدورها التنموي المحلي
l و يتمثل الشرط الدستوري في كون الدستور يعطي للجماعات المحلية سلطة القيام بالتنمية المتعددة الأوجه لصالح المواطنين( الفصل 101من الدستور)
l يتمثل الشرط القانوني في توفير الضمانات اللازمة لإجراء انتخابات حرة و نزيهة لافراز مسؤولين جماعيين يعبرون قولا و فعلا عن إرادة الناخبين الذين اختاروهم للقيام بالعمل الجماعي
l أما الشرط الاقتصادي، فيتمثل في ضبط الموارد القائمة، و البحث عن موارد جديدة بعيدا عن إثقال كاهل المواطنين بالضرائب المختلفة، و ترشيد صرف تلك الموارد في مشاريع تنموية تساعد على تشغيل العاطلين في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
وتقوم الجماعات المحلية بهذه لأدوار من خلال مجموعة من الإختصاصات
المطلب الأول:اختصاصات الجماعات الترابية في مجال التنمية
تتوفر الجماعات المحلية ( الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية )على مجموعة من الإختصاصات القانونية الذاتية والقابلة للنقل
الفرع الأول: على مستوى المجالس الجماعية
كما تمت الإشارة سابقا تستأثر الجماعات المحلية بمجموعة من الإختصاصات وباعتبارها جماعة محلية فإن للمجالس الجماعية أيضا اختصاصات قانونية تمكنها من تحقيق الدور المنوط بها على مستوى التنمية الاقتصادية.
وتتمثل في الاختصاصات التالية:
– التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
– المالية والجبايات والأملاك.
– المواقف والتجهيزات العمومية المحلية
– الوقاية الصحية والنظافة والبيئة
– الشراكة والتعاون
2-الاختصاصات القابلة للنقل
نجد من ضمنها
-إحداث وصيانة المدارس ومؤسسات التعليم الأساسي والمستوصفات والمراكز الصحية
-إنجاز وصيانة مراكز التأهيل والتكوين المهني
–البنيات التحتية والتجهيزات ذات الفائدة الجماعية
الفرع الثاني: على مستوى العمالات و الأقاليم
لضمان تنميتها الاقتصادية والإجتماعية وعلى غرار المجالس الجماعية توكل الى مجالس العمالات والأقاليم مجموعة من الاختصاصات :
وتشتمل هذه الإختصصات على:
–دراسة مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعمالة أو الإقليم
–تحديد برامج التنمية والتجهيز والاستثمار والتصويت عليها
–البث في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة
–تحديد برامج التجهيز و التنمية و الإستثمار
–البث في إبرام اتفاقيات التعاون والشراكة
–البنيات التحتية والتجهيزات وبرامج التنمية والاستثمار التي تهم العمالة أو الإقليم.
–إحداث وصيانة المستشفيات والمراكز الصحية.
–إحداث و صيانة الإعداديات و اثانويات و المعاهد المتخصص
ولممارسة هذه الإختصاصات اشترط المشرع تحويل الوارد المالية اللازمة.
الفرع الثالث: على مستوى الجهات
وعلى شاكلة المجالس الجماعية و مجالس العمالات والأقاليم تمارس المجالس الجهوية باعتبارها شكلا من أشكال اللامركزية حسب الفصل 100 من دستور1996 الذي ارتقى بمفهوم الجهة إلى جماعة محلية مجموعة من الإختصاصات :
من أهم هذه الاختصاصات:
– يقوم بالأعمال اللازمة لإنعاش الاستثمارات الخاصة ويشجع إنجاز هذه الاستثمارات عن طريق إحداث وتنظيم مناطق صناعية ومناطق للأنشطة الاقتصادية.
–يعد برنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة طبقا للتوجهات والأهداف المعتمدة في البرنامج الوطني للتنمية.
2 – الاختصاصات المنقولة:
إضافة إلى الإختصاصات الذاتية تنقل الدولة إلى الجهة اختصاصات أخرى
–تقديم المنح الدراسية والتجهيزات ذات المنفعة العامة
المطلب الثاني:الوسائل الكفيلة بتحقيق التنمية على مستوى الجماعات الترابية
إن تحقيق الأهداف التنموية المسطرة لا يتحقق فقط بمنح الجماعات المحلية للإختصاصات بل يبقى رهين بالإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.
أ- الوسائل المادية :
تتوفر الجماعات المحلية على وسائل مادية مهمة يتلخص أبرزها في:
v حقها في الاستفادة من موارد مجموعة من الضرائب العائدة إلى الدولة كحصتها من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الحضرية والمهنية
v إضافة إلى هذا هناك موارد لأملاك الجماعة التي تحتل أهمية قصوى داخل الميزانية الجماعية باعتبارها مورد مالي ذاتي يشكل أداة تمويل بالنسبة للميزانية الجماعية ولأهميتها في إقامة المشاريع الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي ممارسة اختصاصاتها.
إلى جانب هذا عملت الدولة على إنشاء مجموعة من المؤسسات التي يعهد إليها تمويل مشاريع جماعية وتدعيم المداخيل المالية المحلية.
v إنشاء صندوق التجهيز الجماعي وخدمته للجماعات المحلية تتمثل في تقديم القروض للجماعات.
v مركز الاستثمار الجهوي
v لجنة لإنعاش الاقتصاد المحلي
ب- الوسائل البشرية :
من المعلوم أن العنصر البشري ضرري لتحقيق تنمية اقتصادية و اجتماعية هذا الأخير يعد وسيلة ضرورية للإنجاح أي مشروع تنموي.فكل الصلاحيات و الإختصاصات التي تتوفر عليها الجماعات المحلية تبقى دون جدوى في غياب العنصر البشري .
ويتكون العنصر البشري على مستوى الجماعات المحلية أساسا من الموظفين العاملين داخل الأجهزة المحلية والتي تتوفر على تنظيم خاص يتميز عن التنظيم المتعلق بموظفي الدولة
والملاحظ أن الموارد البشرية للجماعات المحلية قد عرفت تطورا بحيث ارتفع عدد الموظفين الجماعيين خاصة في الجماعات المحلية الحضرية والقروية والعمالات والأقاليم. وهذا التطور لا يشمل فقط عدد الموظفين بل نوعيتهم.
المبحث الثاني: معيقات التنمية على مستوى الجماعات الترابية
رغم كل الإختصاصات القانونية و الو سائل المادية و البشرية المتاحة فإن الجماعات المحلية مازالت تعاني من مجموعة من المشاكل و الإكراهات سواء على المستوى الداخلي أوعلى المستوى الخارجي.
المطلب الأول: على المستوى الداخلي
–يتجلى في كون الأعضاء المحليين لا يتمتعون بالكفاءة التي تمكنهم من استيعاب العمل الجماعي على المستوى القانوني وعلى مستوى القدرة على تدبير شؤون الجماعة ، مما يؤدي إلى تبذير الإمكانيات المادية .
– التلاعب بنفقات و إ رادات ا لجماعات المحلية وتخصيصها للأغراض تجانب المصلحة العامة
–وجود جماعات محلية تعاني من عجز في ميزانيتها ، وتبقى عاجزة على إحداث التنمية المحلية نتيجة التوزيع المتفاوت واللامتكافئ للثروة
المطلب الثاني: على المستوى الخارجي
إن الإستقلال الإداري و المالي الممنوح لهذه الوحدات اللامركزية الترابية هو فقط استقلال نسبي حيث تحتفظ الدولة لنفسها بحق الإشراف و الرقابة والتوجيه على هذه الهيئات من خلال السلطة الوصية التي تكون في كثير من الحالات عقبة أمام التنمية الإقتصادية المحلية خاصة فيما يتعلق بالمقررات المتخذة من طرف الجهات و التي تتطلب المصادقة المسبقة,
v كالميزانية الجهوية
v المساهمة في شركات الاقتصاد المختلط
v الشراءات و البيوعات و أعمال تدبير الملك العام
v الإقتراضات و الضمانات
كل هذه العوائق وغيرها مما لم نأت على ذكره تجعل الدور التنموي للجماعات المحلية أكثر تعقيد
خاتمة :
إن التنمية الإقتصادية و الإجتماعية الوطنية لا تتحقق في غياب تنمية محلية و هذا يفرض على الجماعات المحلية القيام بدورها و تحديد نشاطها.من جهتها فإن الدولة مدعوة إلى تعزيز دور الجماعات المحلية و المؤسسات الجهوية و الإقليمية و المحلية لتمكينها من تحقيق التنمية في هذا الإطار يجب تعميق اللامركزية وتوسيع دور الجهوية.
المراجع :
– د. عبد الحفيظ أد مينوا – د. الشريف الغيوبي : القانون الإداري – التنظيم الإداري ، الطبعة الثانية 2006.