نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة
نظام التعاقد ونظريتا القوة القاهرة و الظروف الطارئة
مقدمة الطبعة
تنبني فكرة العقد شريعة المتعاقدين، والتي نظمها المشرع المغربي ـ على غرار نظيره الفرنسي – في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود على.أسس ثلاثة :
أول هذه الأسس ذو طابع قانوني، يتمثل في احترام مبدأ سلطان الإرادة، باعتباره الركيزة الأساسية لمختلف التصرفات القانونية عموما.
وثاني هذه الأسس ذو طابع أخلاقي وديني، يتمثل في احترام العهود.والمواثيق، وقد جاء في السنة النبوية أن آية المنافق ثلاث، منها أنه إذا وعد.أخلف.
وثالث هذه الأسس ذو طابع اجتماعي واقتصادي، يترجمه وجوب استقرار.المعاملات الذي يتحتم أن يسود في كل مجتمع راقي ومنظم.
ومن البديهي أن مبدأ العقد شريعة المتعاقدين كالتزام قانوني، لا يفرض على المتعاقدين فحسب وإنما يفرض كذلك على القاضي الذي يجب عليه حالة عرض نزاع بشأن عقد أمامه – أن يُعمل بنوده، وكأنه بصدد إعمال نصوص قانونية وإلا عرض حكمه للنقض.
ووجوب احترام مضمون العقد، سواء من جانب أطرافه أو من جانب القضاء، هو ما يعبر عنه في الإصطلاح عادة بالقوة الملزمة للعقد.
وإن الدراسة التي نعتزم تقديمها إلى الباحثين، تنطلق
المتعاقدين ومن فكرة القوة الملزمة للعقد. ذلك أن القوة القاهرة تعفي المتعاقد مبدأ العقد شريعة.
من تنفيذ التزامه العقدي، وهي بالتبعية تَجُبُّ مسؤوليته العقدية، ونظرية الظروف الطارئة تؤثر في القوة الملزمة للعقد فقط، لأنها تفرض ـ من ضمن ما تفرضه ـ إعادة النظر في تنفيذ الإلتزام المترتب عنه، بكيفية ترفع عن المدين جانبا من الصعوبة التي تعترضه.
وإذ نتقدم إلى القارئ الكريم بهذه الدراسة المتواضعة، إنما نستهدف بالأساس تحقيق غرض علمي خالص، وبالتالي المساهمة الفعلية في وضع لبنة أخرى في صرح خزانتنا القانونية العربية.
ونشير في البداية إلى أن حرب الخليج الثانية التي أوحت لنا بهذه.هي الدراسة، ومن ثم فهي تربط بين واقع معيش وأحكام قانونية تؤطر أو من المفروض أن تؤطر هذا الواقع.
وتؤكد هذه الدراسة أن القانون في مفهومه العام والشامل ـ وهو ظاهرة
اجتماعية وإنسانية بالأساس ـ لم يعد يتأثر بالوقائع الاجتماعية والاقتصادية، بل والسياسية التي تنشأ وتترعرع في ظلها فحسب، وإنما يتأثر كذلك بوقائع تتولد في مجتمعات أخرى، وما ذلك إلا توطيدا وترسيخا لتقارب المجتمعات وضيق المسافات فيما بينها.