التنظيم التشريعي المقارن للمجال الرياضي.

التنظيم التشريعي المقارن للمجال الرياضي.

التنظيم التشريعي المقارن للمجال الرياضي.

التنظيم التشريعي المقارن للمجال الرياضي. من إعداد الطلبة الباحثين : نزهة تيموني، محسن أولغول ،سلمى الكموني علوي ،شفيق حورية ،سناء قوا تحت إشراف الدكتور أمين إعزان

مقدمة:

ما دامت الحاجة إلى القانون ضرورية ولازمة لكل تجمع بشري حتى لا تعم الفوضى وتضيع مصالح الأفراد، ومادام الهدف كذلك من سن القوانين هو تنظيم المجتمع وتحقيق المصالح العامة وحماية حقوق الأفراد وحرياتهم ، وباعتبار أن الرياضة حاجة من حاجات المجتمع فهي بذلك تعد إحدى الأنشطة الإنسانية، إذ لا يكاد يخلو مجتمع من نوع من أنواع الرياضة ، لهذا كان لابد أن تنظم الرياضة من طرف مختلف التشريعات .

وفي بادئ الأمر كان الكل يعتقد أن القانون لا دخل له بالنشاط الرياضي ، فقد ارتبط في الأذهان باللعب واللهو في أنشطة لا تحتاج إطارا قانونيا خاصا به [1]، ولذلك تعتبر الهواية هي الأصل لكن المرور نحو الاحتراف صاحبه وعي بضرورة حضور القاعدة القانونية في الحقل الرياضي وبحتمية تنظيم العلاقات المتشعبة التي تجمع الرياضيين بمحيطهم.

واتضح بعد ذلك وجود علاقة وثيقة بين القانون والرياضة، حيث يعد القانون هو المنظم للحركة الرياضية والمجتمع الرياضي، ويوضح العلاقة بين الأفراد والمؤسسات والمجتمع بصفة عامة، ويوجد نوعان لهذا الارتباط بين القانون والرياضة ويتعلق الأمر بالتشريع الخاص بالألعاب الرياضية والتشريع المنظم للحركة الرياضية .

  وتشهد الحركة الرياضية تزايدا في الاهتمام بعلاقة الرياضة بالتشريع الرياضي، حيث أصبح القانون بكل المجالات سواء المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الرياضية، ويرى البعض أن القوانين والتشريعات غير مناسبة للمجال الرياضي، وأنها بعيدة عن الممارسة الرياضية إلا في إطار القوانين التنظيمية للألعاب، ولكن أصبح هذا الموضوع مهم وحيوي بالنسبة للإدارة الرياضية وممارسي العمل الرياضي .

من خلال ما سبق فإن الإشكال المركزي الذي يطرح هو:

إلى أي حد استطاعت التشريعات المقارنة عند تنظيمها للمجال الرياضي تحقيق الأمن والاستقرار وزجر الجرائم التي تعرفها الملاعب الرياضية ؟ 

يتفرع عن هذا الإشكال تساؤلات فرعية نجملها في مايلي :

-أ ي توجه سارت عليه الدول المغاربية عند تنظيمها للمجال الرياضي؟

– ما هي أبرز القوانين التي همت بالتنظيم الرياضة القطرية؟

– ما هو توجه المشرع المصري في زجر جرائم الملاعب ؟

للإجابة عن هذه التساؤلات فإننا اعتمدنا المنهج المقارن من خلال مقارنة تجارب الدول المقارنة في تنظيم المجال الرياضي، وكذا اعتماد المنهج التحليلي من خلال تحليل المقتضيات التشريعية الرياضية.

وللإحاطة بمختلف جوانب الموضوع فقد ارتأينا تقسيمه وفق التصميم التالي:

المبحث الأول: تنظيم المجال الرياضي في الدول المغاربية

المبحث الثاني : التشريع الرياضي في قطر و مصر

المبحث الأول: تنظيم المجال الرياضي في الدول المغاربية

أخذت التشريعات الرياضية مركزا مهما خلال الحقبة الأخيرة من القرن العشرين، إذ حرصت معظم الدول على أن تتضن دساتيرها وقوانينها الداخلية نصوصا صريحة تدعو إلى ضرورة الاهتمام بالرياضة، والتزام الدولة بها كوسيلة تربوية للناشئة والشباب.

ويشكل القانون القاعدة الأساسية في كيان الحركة الرياضية، حيث إن من أهم أهداف التربية الرياضية تنشئة جيل سليم وسوي، ولا يتأتى هذا إلا بوضع ضوابط تحكم العلاقات وتلزم الأفراد أثناء النشاط وقبله وبعده.

والدول المغاربية شأنها شأن باقي الدول أبانت عن اهتمام واضح بهذا المجال، كالتشريع الجزائري (المطلب الأول)، والتشريع التونسي (المطلب الثاني).

المطلب الاول: التنظيم الرياضي في التشريع الجزائري

عرفت الرياضة تطورا ملحوظا في جل المجتمعات، فقد تحولت مع التطورات الحديثة إلى ظاهرة اجتماعية، حضارية وسياسية كانت ولا تزال تعد من أبرز دعائم التنمية الشاملة، وأمام هذه الأهمية فقد حظيت باهتمام تشريعي بارز.

 فالجزائر شأنها شأن التشريعات المقارنة أولت للمجال الرياضي عناية وتنظيما محكمين من خلال المراحل التي قطعها الميدان الرياضي والذي أفضى إلى بروز قوانين منظمة له(الفقرة الأولى)، كما أن الجزائر عند تنظيمها لهذا النشاط اعتمدت عدة آليات لفرض الانضباط والسيطرة على الانفعالات، لأنه غالبا ما يتحول الأمر أثناء المنافسات الرياضية  من متابعة للأحداث الرياضية إلى سلوكات غير سوية متنافية مع أهداف الرياضة والنصوص القانونية المنظمة للنشاط الرياضي (الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: تطور الرياضة في التشريع الجزائري

برز الاهتمام بالمجال الرياضي في الجزائر بشكل جلي منذ الاستقلال، فقد قطع التطور الرياضي أشواطا عديدة ومراحل جد هامة أفضت إلى ظهور العديد من القوانين التي تعنى به، مواكبة في ذلك التطورات التي يعرفها المجتمع الجزائري، وبهذا يمكن إجمال هذا التطور في ثلاث مراحل هامة: مرحلة 1962-1975 (أولا)، المرحلة الممتدة من 1976 إلى  1988 (ثانيا)، ثم مرحلة 1989-2004 (ثالثا).

أولا: مرحلة 1962-1975

تميزت هذه المرحلة ببروز التنمية الجوهرية التي تسعى إلى إعادة بناء الدولة من جديد بعيد الاستقلال، حيث اعتمدت السلطات على عدة مخصصات تهم تعزيز البينية الاقتصادية، لكن التربية البدنية والرياضية في مراحلها الأولى كانت متعرضة لتنظيم غير محكم ودعم ضعيف إن لم يكن منعدما[2].

إلا أنه بصدور الأمر رقم 157-62[3]، فقد ساهمت وزارة الشباب والرياضة في تحسين الوضع الرياضي فور تأسيسها سنة 1962 وذلك بخلق هيكل الاتحاديات الوطنية (الرابطات، الفدراليات الوطنية، اللجنة الأولمبية)، وبذلك أصبحت ممارسة الرياضة حقا لجميع شرائح المجتمع بعد أن كانت في عهد الاستقلال مرتكزة على العنصرية والاستغلال.

كما تم إصدار المرسوم 63-254[4]  الهادف إلى تنظيم الرياضة والجمعيات الرياضية والذي تصمن أربعا وثلاثين مادة.

ثانيا: المرحلة ما بين 1976 إلى 1988

شهدت هذه المرحلة صدور قانون التربية البدنية والرياضية الذي عني بتنظيم مختلف الرياضات وجعلها محكمة بنصوص قانونية خلافا لما كانت عليه في السابق، كما صدر الأمر رقم 76-81 المؤرخ في 23-10-1977 بمثابة الركيزة الأساسية القانونية للنشاطات الرياضية وتكثيفها، اعتمد الأمر على الميثاقين الوطنيُين 1986-1976 ودستور 1976 ،الذي اعتبر من خلاله الرياضة ذات منفعة عامة بنص المادة 67 منه، التي تنص على حق المواطنين في حماية صحتهم عن طريق ممارسة الًتربية البدنية والرياضية.

– وفي سنة 1979 أدخل في نظام الًتربية والتعليم، الًتربية البدنية والرياضية وتم تعميمه من طرف وزارة التعليم الأساسي في السنوات الأولى للمدرسة الأساسية ، ومن جهتها تقوم كتابة الدولة للتعليم الثانوي والتقٍني ،بتعليم الًتربية البدنية والرياضية في الثانويات.

ثالثا: المرحلة من 1989 إلى 2004

– شهدت البلاد خلال هذه المرحلة تغيرات كبرى في الميادين الاقتصادية والسياسية ،كالتحول من النظام الاشًتراكي إلى النظام الرأسمالي، وصدور دستور 1989 ،نتيجة لهذه التحولات والفراغ الناجم عن عدم تطبيق قانون الًتربية البدنية والرياضية، والأمر رقم  81-76 الذي جاء متضاربا مع قانون استقلالية المؤسسات الاقتصادية[5] ،جاء القانون رقم     89.03[6]  الذي خلق قفزة نوعية في التشريع الرياضي، حيث سميت هذه المرحلة بمرحلة: “إعادة بعث الرياضة”.

غير أن عدم تجسيد المقترحات فيه وتفعيلها على أرض الواقع، وعدم ضبطه للمفاهيم، أفضى إلى ظهور القانون 09.95[7] الذي تم من خلال إنشاء اللجنة الوطنية للرياضة ذات المستوى العالي، بيد أنه أمام تطور الرياضة في الساحة الجزائرية والصعيد الدولي فقد تم إحداث القانون رقم 10.04 المتعلق بالتربية البدنية والرياضية الذي أتى بمواد جديدة.

بعد الأخذ بهذا القانون لسنوات، ونظرا للمستجدات التي شهدتها الرياضة الجزائرية، فقد تم إحداث القانون رقم 05.13[8]، الذي ركز اهتمامه على الفئة الشابة المتراوحة بين 6 و 18 سنة، الكفيلة بضمان الخلف القادر على حمل مشعل الرياضة الجزائرية في المحافل الدولية. كما أعطى هذا القانون أهمية كبيرة لرياضة النخبة التي تعد الواجهة الاساسية للرياضة الوطنية[9].

الفقرة الثانية: آليات مكافحة الشغب الرياضي في التشريع الجزائري

من مؤشرات الاهتمام بترقية النشاطات البدنية والرياضية في كل مجتمع، قيام الأنظمة السياسية بسن نصوص قانونية وقواعد تشريعية تضمن تأطير الممارسات الرياضية في أفضل صورة[10].

فتجاوز الرياضة ما هو محلي إلى ما هو دولي، أدى إلى تزايد التظاهرات الرياضية وبروز مجموعة من الممارسات المنافية للآداب والأخلاق الرياضية بوجه عام.

والجزائر كباقي الدول تعاني من ظاهرة العنف الرياضي خاصة في الملاعب الرياضية على اعتبار أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية فيه، وعلى هذا الأساس، فقد أوجد المشرع مجموعة من القوانين تتضمن عقوبات لكل مسؤول عن هذا السلوك الإجرامي أهمها القانون 05.13 الذي أكد على حماية المنشآت الرياضية من خلال مضمون المواد 196 إلى 210، كما تناول مختلف الجرائم المتعلقة بالرياضة وفقا للمواد 253 إلى 210.

 ويمكن توزيع الجرائم الرياضة في العنف الذي يقع على سلامة الجسم من خلال المشاجرات في صفوف المشجعين والتي تفضي أحيانا إلى حدوث إصابات أو وفاة أحدهم،  حيث حدد القانون 05.13 الجزاءات المقررة في هذا النوع من الجرائم في المواد 235-239.

كما نجد العنف بالاعتداء على الممتلكات، وقد حدد القانون السالف الذكر مختلف الأفعال التي قد تسل نشاط المنشآت الرياضية ك: إدخال المفرقعات إلى الهياكل والمنشآت الرياضية، التكسير، التسلق، السلب والنهب والدخول إلى أرضية الميدان من خلال المواد 224،234،233،236 منه.

كما أن هذا القانون لم يحدد الجرائم المرتكبة من طرف الجمهور فقط، بل حدد الجرائم التي قد يمارسها اللاعبون من خلال تعاطيهم للمنشطات كمظهر من مظاهر “العنف المستتر”.

أمام تنوع مظاهر الشغب الرياضي وتزايده، فقد حدد القانون 05.13 جملة من الآليات والإجراءات الوقائية الكفيلة بالتقليص من حدته، والتي ترتبط بما يمكن أن تقوم به السلطات المركزية والمحلية، والفاعلين في مجال الرياضة.

كما تم اعتماد خوصصة الأندية، ذلك أن التسيير المثالي للأندية يساهم إلى حد كبير في الوقاية من ظاهرة العنف في الملاعب الرياضية، حيث تبناها المشرع الجزائري ونص عليها في االفصل السادس من القانون 05.13 في مادته 40 المعنون ب “رياضة النخبة والمستوى العالي”.

وقد أكد المشرع الجزائري من خلال هذا القانون على ضرورة تأسيس لجنة وطنية تنفيذية لتنسيق أعمال الوقاية من العنف في المنشآت الرياضية.

غير أن تفعيل مضامين هذا القانون وما جاء به من مستجدات لم تعهدها الرياضة الجزائرية من قبل لن يتأتى إلا بتظافر الجهود، من خلال وضع إجراءات أمنية استباقية للحدث الرياضي وتعزيز دور الإعلام الرياضي في نشر الثقافة الرياضية بين أفراد المجتمع، كونه وسيلة تأثير على الرأي العام.

تابع قراءة المقال في الصفحة التالية

1 2 3 4الصفحة التالية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى