التصرف في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

التصرف في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

إعداد الباحثة: فاطمة الغندري

التصرف في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة

تعالج هذه المذكرة موضوع التصرف في حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في ضوء التحولات التي عرفها القانون المعاصر، خاصة مع الانتقال من المقاربة الحمائية التقليدية إلى المقاربة الحقوقية القائمة على الاعتراف بالأهلية القانونية الكاملة وضمان الاستقلالية الفردية بتوفير التدابير التيسيرية المعقولة. وتنطلق الإشكالية الاساسية للمذكرة من التساؤل حول مدى مدى نجاح المشرّع التونسي في تحقيق توازن فعلي بين الحماية القانونية لذوي الاعاقة من جهة، وضمان استقلالية الأشخاص ذوي الإعاقة في التصرف في حقوقهم من جهة أخرى.

في هذا الإطار، تناول جزءها الأول منهج الحماية القانونية في تصرف ذوي الاعاقة في حقوقهم في القانون التونسي ،حماية مبنية على النظرة الطبية و الاجتماعية تجاه ذوي الاعاقة ،اعتمدها المشرع كألية للضمان من الاستغلال و الضرر باموال ذوي الاعاقة معتمدا على معايير تقليدية تقوم على الاقصاء و التمييز كالعجز و عدم القدرة على التصرف في الحقوق و ذلك من خلال تقييد للاهلية لذوي الاعاقة الذهنية و اتخذ اليات حماية و توسع فيها حتى اعطى للغير حلول محل ذوي الاعاقة في التصرف في حقوقه مثل الترخيص في استعمال السيارة لقانون المالية 2025 و اعتماد بدائل اخرى على ان لا يتم تشغيل هذه الفئة مثل اقتناء منتوجات ذوي الاعاقة او المناولة الثانوية .عدم توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في مكاتب الاقتراع و تخصيص مرافق يتولى مساعدة ذوي الاعاقة في ممارسة حق الانتخاب .. هذه الآليات و المعايير تحد من ممارسة ذوي الاعاقة لحقوقهم و بالتالي تساهم في الاقصاء المقنع و عدم الاندماج في المجتمع .
فقد خُصّص لدراسة آليات الحماية القانونية في التشريع التونسي، ولا سيما قواعد الأهلية، والولاية، والوصاية، والنيابة، مع تحليل دور القضاء والخبرة الطبية في تقييد أو دعم قدرة الشخص ذي الإعاقة على التصرف. وقد بيّن البحث أن النظام القانوني التونسي ما يزال يغلب عليه الطابع الحمائي، أحيانًا على حساب استقلالية الشخص المعني، من خلال اللجوء الواسع إلى أنظمة التمثيل القانوني والقرارات البديلة.

الا انه في المقابل تعتمد المقاربة الحقوقية و التي تناولها البحث في جزءه الثاني و التي نادت بها الاتفاقية الدولية لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة و اوصت الجمعية العامة للامم المتحدة بأعتمادها من قبل الدول المصادقة على الاتفاقية من بينها تونس .
و تقوم هذه المقاربة على التوازن بين متطلبات الحماية القانونية و ايضا ضمان الاستقلالية لذوي الاعاقة في التصرف في حقوقهم و ذلك من خلال الاعتراف بالاهلية الكاملة طبقا للمادة 12 و اعتماد معيار القدرة على التصرف في الحقوق متخذا في ذلك الية الدعم في اتخاذ القرار باعتباره بديلاً معاصرًا لنظم الوصاية، مبرزة دوره في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من ممارسة حقوقهم بأنفسهم مع توفير المساندة اللازمة، دون المساس بجوهر الأهلية القانونية. وجرى في هذا السياق تحليل مواقف الفقه وفقه القضاء المقارن، مع إبراز أوجه القصور والتحديات العملية التي تحول دون تفعيل هذا النظام في الواقع التونسي.

وينهى البحث إلى أن تحقيق التوازن بين الحماية والاستقلالية يقتضي إصلاحًا تشريعيًا عميقًا، يحدّ من أنظمة الوصاية التقليدية، ويعزز آليات الدعم، إلى جانب تطوير دور القضاء والخبرة الطبية وفق منظور حقوقي يحترم إرادة الشخص ذي الإعاقة وتفضيلاته، بما ينسجم مع الالتزامات الدولية لتونس في مجال حقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock