آليات محاربة الفساد الإداري بالمغرب بقلم الأستاذ يونس السكتاوي
يتناول هذا الموضوع ظاهرة الفساد الإداري بالمغرب والذي يعد من المواضيع القديمة الجديدة، خاصة عندما يتم ربطه بقضايا التنمية التي تميز الساحة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية اليوم، سيما في ظل تقرير لجنة النموذج التنموي الجديد وتوصياته، بالتزامن مع سياسات الإصلاح التي همت الكثير من الجوانب الإدارية والاقتصادية و الاجتماعية، وبالتزامن كذلك مع الدعوات إلى تخليق الحياة العامة بالإدارات والأجهزة العمومية، وضع يفرض ضرورة مراجعة المرتكزات القانونية والمؤسساتية لمحاصرة الفساد الإداري في خضم تخمة الدراسات الوصفية لحالة الفساد الإداري، والحاجة إلى الأجهزة العمومية وفق قواعد النجاعة والفعالية وتكريس قيم النزاهة والشفافية وتضمين الحكامة الجيدة بالمرافق والعمومية.
ونظرا لالتزامات المغرب الدولية في مكافحة الفساد كان لزاما عليه أن يعبر واقعيا وعمليا عن انخراطه في حملة القضاء على الفساد باعتباره أحد أخطر وأبشع ما يعيق التنمية ببلادنا خصوصا في خضم الدراسات والتقارير الدولية والوطنية كمؤشرات مزعجة على حقيقة وحجم الفساد الإداري بالمغرب.
وتأتي هذه الالتزامات بتعزيز المغرب منظوماته القانونية والمؤسساتية وتوسيع قاعدة ومظاهر وصور الفساد الإداري لتشمل المنظومة القانونية وإدخاله ضمن الجرائم التي توجب المحاربة والعقاب.
اقرأ أيضا : سلطة النيابة العامة على أعمال الشرطة القضائية
وقد دأب المغرب على فتح اوراش الإصلاح الإداري والدعوة إلى تخليق الحياة العامة وتبسيط سبل العمل الإداري في المرافق العمومية بكل أنواعها ورقمنة الإدارة العمومية لمواكبة التطور الحاصل في العالم جراء متطلبات التنمية الشاملة والسريعة التي تتطلبها الكثير من دول العالم، وأمام انتشار ظاهرة الفساد الإداري كان لابد من اجتراح مجموعة من الأساليب لمحاربته والحد منه والتضييق على ممارسة جميع أنواعه ومظاهره المختلفة.
وانسجاما مع المقتضيات الدستورية الداعية إلى تكريس النزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، تسعى هذه الدراسة إلى تناول الآليات القانونية والمؤسساتية لمحاربة الفساد الإداري والحد من توغله، من خلال التصورات والسياسات التي يبذلها المغرب لمحاربته والحد من انتشاره، وتدعيم فرص الإصلاح الإداري، ولتناول هذه الظاهرة ارتأينا تقسيم الموضوع كالتالي:
الفقرة الأولى: الآليات القانونية لمحاربة الفساد الإداري
الفقرة الثانية: الآليات المؤسساتية لمحاربة الفساد الإداري بالمغرب
الفقرة الأولى: الآليات القانونية لمحاربة الفساد الإداري
جاء دستور 2011 في الفصل 36 (…على السلطات العمومية الوقاية، طبقا للقانون، من كل أشكال الانحراف المرتبطة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية، وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها…) لذلك كان لابد من إصدار نصوص قانونية جديدة وتحيين أخرى تكون صارمة وفعالة ومتكاملة كفيلة بالردع، وقد صادق المغرب على مجموعة من القوانين ذات العلاقة بالفساد الإداري ومظاهره للحيلولة دون انتشاره والحد من خطورته.
أولا: قانون التصريح الإجباري بالممتلكات 54.06
ويأتي هذا القانون في سياق تخليق الحياة العامة وتكريس مبادئ الشفافية وحماية المال العام وربط المسؤولية بالمحاسبةوانسجاما مع المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد، فحسب الفقرة 5 من المادة 8 (تسعى كل دولة طرف،…إلى وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية عن أشياء منها ما لهم من أنشطة خارجية وعمل وظيفي واستثمارات وموجودات وهبات ومنافع قد تفضي إلى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين).ثم المادة 20 (تنظر كل دولة، طرف رهنا بدستورها والمبادئ الأساسية لنظامها، القانوني في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تعمد موظف عمومي إثراء غير مشروع أي زيادة موجوداته زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخله المشروع .
إن الهدف من المنظومة القانونية المتعلقة بالتصريح الإجباري بالممتلكات سواء بالنسبة للمنتخبين أو الموظفين العموميين ترمي إلى محاصرة أي شكل من أشكال الفساد الإداري الذي يدخل في إطار المرامي القانونية للقضاء عليه عبر حماية المال العام من جهة وربط المسؤولية بالمحاسبة، والوقاية من الإثراء غير المشروع ووسيلة للكشف المبكر عن أي فرصة للفساد والاخلال بالأمانة.
ثانيا: قانون الحق في الحصول على المعلومة 31.13
طبقا لأحكام الدستور ولاسيما الفصل 27 منه الذي ينص على أنه ” للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام …” ويقصد بالحق في الحصول على المعلومات حق كل شخص طبيعي أو اعتباري في التوجه إلى الجهات المعنية وسؤالها عن معلومات معينة وإلزام هذه الجهة بمقتضى القانون وقوته بالرد عن السؤال أيا كان الرد، وتتجلى أهمية المعلومات الموجودة بحوزة الهيئات الإدارية في تعميق الديمقراطية وترسيخ لدولة الحق والقانون وشفافية المعاملات الإدارية في علاقتها مع المواطن في الحدود التي رسمها القانون، وتكمن أهمية الحق في الحصول على المعلومات بالنسبة للمواطن ومكافحة الفساد الإداري في كون المعلومة ملك للمواطن والهيئات والمؤسسات عبارة عن أرشيف لحفظها ومتى ما شاء استرجاعها حق له ذلك، لأنها تساعده في قضاء حاجاته وتقطع الطريق أمام الفساد الإداري جراء تحفظ الإدارة عن المعلومات أو أخذ رشوة مثلا مقابل مده إياها، أو سواء على مستوى الفرد الطامح لأن يكون مواطنا أو على مستوى مجتمع طامح إلى التنمية الشاملة وبيئة سليمة للحقوق والحريات والشفافية.
فإفصاح الإدارة عن المعلومات من شأنه تفعيل مبدأ الشفافية ذات الصلة بإدارة التنمية والتصرف في موارد الدولة، كما يرتكز على الحق في المعلومة وفق “المشاركة العلنية في اتخاذ القرار، وفي إلزام الإدارة بالاستجابة لمطالب المواطنين، كما يجب أن تحرص أجهزة مراقبة مستقلة على احترام هذه القوانين”.
ويشكل هذا القانون أحد المداخل الدافعة إلى إصلاح الإدارة ومكافحة الفساد وضمان الشفافية والحكامة في التسيير والتدبير، ذلك من خلال دوره المحوري في نشر المعلومة والإسهام في انفتاح الإدارة على المواطنين، إضافة إلى تكريس الشفافية والمسائلة بالمرفق العمومي وتخليق الحياة العامة وتنمية الوعي القانوني لدى المواطنين.
ثالثا: قانون حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين 37.10
تماشيا مع الالتزامات الدولية في مجال محاربة الفساد، تفاعلت المملكة المغربية إيجابيا مع المفاهيم الإقليمية والدولية المتعارف عليها في هذا المجال فقد كان المغرب من أوائل الدول التي انضمت وصادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، فوقع عليها في 9 من ديسمبر 2003، وصادق عليها يوم 9 من مايو 2007 للتعبير عن الانخراط الفعلي في محاربة الفساد، وعلى هذا الأساس يفهم إصدار المغرب للقانون 37.10 لتعزيز الترسانة القانونية -الجنائية- لحماية الشهود والمبلغين والخبراء والضحايا التي تمتد إلى أسرهم، ويكتسي أهميته في محاربة كل أشكال الفساد الإداري من الارتشاء واستغلال النفوذ، بحيث يضم القانون التدابير الإجرائية لضمان الحماية من خلال الوكيل العام للملك باتخاذ التدابير الضرورية والكفيلة لحماية الفرد وأفراد أسرته.
لقد تمحور هذا القانون على حماية الشهود في جرائم المال العام كجرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ عن طريق اتخاذ كل التدابير اللازمة لحمايتهم، حيث نصت الفقرة الأخيرة من المادة 82-07 على أنه ” يمكن بقرار معلل اتخاذ أي تدبير آخر يعتبر ضمانة فعلية لمستحق الحماية” وبالتالي يستفاد من هذه الفقرة خاصة لفظ أي تدبير أن المشرع المغربي أعرب عن إرادته القوية والجازمة في تحقيق الحماية الفعلية للضحايا والشهود والخبراء والمبلغين ويأتي هذا الإجراء القانوني ضمن سلسلة التشريعات التي تروم محاربة الفساد الإداري وتقويض انتشاره.
رابعا: قانون تعليل القرارات الإدارية 03.01
القرار الإداري هو العمل الانفرادي الصادر عن الإدارة معبرا عن إرادتها والمحدث لأثر قانوني في المركز أو الوضعية القانونية للأفراد، بالتعديل أو الزيادة أو الإلغاء استنادا على سلطتها التقديرية والتقريرية، وحقها في توجيه الأوامر والنواهي تحقيقا للمصلحة العامة . ويراد بتعليل القرار الإداري أو تسبيبه الإفصاح عن الأسباب الواقعية والقانونية التي تبرر اتخاذه .وتبرز أهمية موضوع تعليل القرارات الإدارية كونه مبدأ ووسيلة لتسهيل مراقبة الأفراد القضاء الإداري لمشروعية القرار الإداري، فإلزامية التعليل تقطع مع إمكانية ممارسة الفساد بالإدارة باعتباره شرط من الشروط الشكلية لصحة القرار الإداري تحت طائلة انعدام المشروعية.
يساهم قانون 03.01 المتعلق بالقرارات الإدارية في تخليق الحياة العامة للمواطن وعلاقته بالإدارة، كما يشكل عنصر أساسي في التضييق على كل السلوكيات المنحرفة كالرشوة واستغلال المنصب الإداري.
خامسا: قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية 55.19
جاء هذا القانون لإعطاء دينامية قوية من خلال تبسيط المساطر الإدارية ورقمنتها ليساهم في تقوية الثقة بين الإدارة والمرتفق ومحاولة تثبيت جسور التواصل مبني على النزاهة والشفافية والسرعة، خدمة للمواطن وتبسيط تعقيدات الإدارة، ومن أهم المبادئ التي أتى بها قانون 55.19.
- تحديد الآجال القصوى للرد على طلبات المرتفقين
- إلزام الإدارة بتوثيق وتدوين جميع قراراتها ومقرراتها وباقي المحررات الإدارية مع نشرها في بوابة وطنية ستحدث لهذا الغرض
- اعتبار سكوت الإدارة بعد انقضاء الآجال المحددة بمثابة موافقة ضمنية لتلك القرارات التي تحدد لائحتها بنص تنظيمي
- حق المرتفق في تقديم الطعون الإدارية
- إحداث اللجنة الوطنية لتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية
- تحديد نموذج مصنفات القرارات الإدارية ونموذج وصل إيداع طلبات الحصول على القرارات الإدارية
هذا وقد خرج إلى حيز الوجود مرسوم بتطبيق بعض مقتضيات القانون 55.19 الذي يأتي في سياق تحسين مردودية الخدمات الإدارية المقدمة إلى المواطنين وقطع الطريق مع الأساليب الابتزازية التي تشوب عمل الإدارة، وإحداث قطيعة مع مجموعة من الممارسات السلبية، وإعادة تأسيس علاقة الإدارة بالمرتفق، وتمكين المواطن من معالجة حاجاته في أحسن الظروف.
سادسا: مكافحة غسل الأموال 43.05
يسعى المشرع المغربي إلى تضمين مشروع قانون رقم 12.18 بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي والقانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، نظرا للطابع الاستعجالي لهذا القانون بالنظر إلى التزامات المغرب الدولية ومحاربة كل أشكال التلاعب بالأموال خصوصا الأموال العامة التي تعنينا بالأساس في هذا البحث.
لقد جاء هذا القانون لإغلاق منافذ الفساد على جميع المستويات، وقد “سبق للمملكة المغربية أن خضعت للجولة الأولى من التقييم المتبادل لمنظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب سنة 2007، وخضعت للجولة الثانية للتقييم المتبادل في سبتمبر (أيلول) 2017، وجرى إعداد أول تقرير يتعلق بالتقييم المتبادل الخاص بالمملكة المغربية خلال الاجتماع العام المنعقد ببيروت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 وكذلك خلال الاجتماع العام المنعقد في أبريل(نيسان) 2019 بعمان. وقد حصل المغرب في تقرير التقييم المتبادل على درجة (أساسي) في مجال التحقيق في جرائم تمويل الإرهاب ومكافحة المتورطين فيها، وخضوعهم لعقوبات، إلا أن التقرير لفت إلى ضرورة تقوية الجانب الوقائي والزجري في القانون قصد الملائمة مع المعايير الدولية.هذا وإن الانتشار السريع للاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا ساعد في تطور هذه الظاهرة فضلا عن دور العولمة والمؤسسات المالية والمصرفية التي ساهمت في استفحال وتطور ظاهرة غسيل الأموال، إذ قدر رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربية حجم الأموال المغسولة سنويا بنحو 3 تريليونات دولار وأنها تعادل مالا يقل عن 5% من إجمالي الناتج العالمي و8% من حجم التجارة الدولية، ولنا أن نتصور انعكاس هذه الجريمة على مستوى التنمية الشاملة وما تفوته من فرص للإصلاح والتقدم، لذلك اختار المغرب عبر القانون 43.05 محاربة هذا النوع من الفساد الذي قد يمارسه أي شخص سواء كان موظفا أو منتخبا أو أي غيرهما.
إضافة إلى بعض الآليات الأخرى ذات الصلة في إطار الترسانة القانونية لمحاصرة الفساد الإداري منها:
- مرسوم التعيين في المناصب العليا
- مراجعة مرسوم الصفقات العمومية 2013
- دور المفتشية العامة للوزارات
- ميثاق وطني لإصلاح منظومة العدالة
- مرسوم ضابط البناء …..
سابعا: قانون التعيين في المناصب العليا 02.12
فتح هذا القانون المجال للجميع للولوج إلى المناصب وفق معايير الكفاءة والاستحقاق ودعم الشفافية وتكافئ الفرص وتدعيم قاعدة منع تضارب المصالح مع المهام المزاولة بالإدارة العمومية من خلال مراجعة النظام الأساسي ومنع الجمع بين الأجور والوظائف، كما تقترح السلطة الحكومية حسب المادة (7) من القانون التنظيمي 02.12 على صعيد كل قطاع وزاري على حدة، على رئيس الحكومة المرشحات والمرشحين لشغل المناصب العليا المشار إليها في البند(ج) من الملحق رقم 2 المرفق بالقانون التنظيمي رقم 02.12 المستوفين للشروط المنصوص عليها في الأنظمة الأساسية الخاصة بهم، حسب الاستحقاق، وذلك قصد عرضها على مداولات المجلس.
لقد جاء هذا القانون في سياق التنزيل الأمثل للمقتضيات الدستورية لسنة 2011 كالشفافية والاستحقاق والنزاهة والمساواة بين المواطنين، مع تخويل السلطات الحكومية سلطات واسعة في التعيين في المناصب العليا أو مناصب المسؤولية واختيار الأطر الكفأة القادرة على تحمل المسؤولية التدبيرية للمرافق العمومية، ومحاولة القطع مع التلاعبات التي قد تطرأ على الترشح للمناصب العليا التي يسيل لعاب الفاسدين في الوصول إليها، الشيء الذي دفع المشرع المغربي لوضع الأسس والمقتضيات القانونية والتنظيمية لضخ قيم الشفافية والنزاهة…
الفقرة الثانية: الآليات المؤسساتية لمحاربة الفساد الإداري بالمغرب
في إطار الجهود التي يبذلها المغرب إضافة إل الآليات القانونية في محاربة الفساد الإداري عزز منظومة المحاربة بمؤسسات متعددة تساهم في الحد من تداعياته من خلال (الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها) أولا (والمجلس الأعلى للحسابات) ثانيا (ومجلس المنافسة) ثم (مؤسسة الوسيط) رابعا.
أولا: دور الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها في كشف عن ظاهرة الرشوة
إن مشكلة الفساد لا يمكن اختزالها في بعدها المعنوي أو الأخلاقي، فالفساد ينطوي أيضا على عبئ اقتصادي، يلقي بثقله على قدرة المواطنين الشرائية، لا سيما الأكثر فقرا منهم، فهو يمثل 10 في المائة من كلفة الإنتاج في بعض القطاعات الاقتصادية، وعلاوة على ذلك، يساهم الفساد في الانحراف بقواعد الممارسة الديمقراطية، وفي تقويض سيادة الحق والقانون، كما يؤدي إلى تردي جودة العيش، وتفشي الجريمة المنظمة، وانعدام الأمن والإرهاب. وفي المقابل، لا يمكن أن نغفل ما نلاحظه في شتى الميادين، من مؤشرات إيجابية، وجهود حثيثة في مجال التصدي لهذه الآفة. فالتدابير المتخذة في هذا الشأن، ما فتئت تعطي ثمارها، وتحقق مكاسب مهمة على أرض الواقع .
فتناغما و استجابة للتوجيهات الملكية الداعية إلى تخليق الحياة العامة وتعزيز النزاهة ومحاربة كل أنواع الفساد جاء مشروع قانون 46.19 ليراجع جذريا القانون الحالي 113.12 المتعلق بالهيئة (INPPLC)ونسخه من أجل تجاوز نقائصه وتعزيز المكتسبات الدستورية في صلتها بالهيئة، بحيث “أبرز السيد بنشعبون (وزير الاقتصاد والمالية) في عرض قدمه أمام أعضاء اللجنة، أن المشروع يندرج في إطار التنزيل القانوني الأمثل للصلاحيات التي خولها الدستور لهذه الهيئة، تفاعلا مع تنامي آفة الفساد وامتداداتها الوخيمة على مختلف مجالات الحياة العامة ” وتجدر الإشارة أن المشروع جاء في إطار المقتضيات القانونية والدستورية التي تؤطر ظاهرة الرشوة “وفي إطار استكمال المنظومة المؤسساتية والدستورية لهيئات الحكامة، يضيف الوزير، صدر القانون رقم 113.12 الصادر بتاريخ 9 يونيو 2015، بهدف تنزيل مهام الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، لافتا إلى أن تقييم مقتضيات هذه المنظومة أظهر أن الاختصاصات المخولة لهذه الهيئة وآليات تفعيلها لا ترقى للتجاوب موضوعيا مع المواصفات المعيارية لمكافحة الفساد كما تضمنتها الاتفاقيات الدولية والتجارب الفضلى ذات الصلة، مما استوجب المراجعة العميقة لهذا القانون، انطلاقا من الإرادة الملكية المعبر عنها في عدة مناسبات، وأخذا بعين الاعتبار سقف الصلاحيات التي منحها الدستور لهذه الهيئة.
وقد دأب المغرب في إطار سياسات الوقاية ومحاربة الرشوة بإحداث الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بمرسوم*، ثم إحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بمقتضى الفصل 36 من دستور 2011، ثم مشروع قانون 46.19 للتنزيل الأمثل للصلاحيات المخولة دستوريا للهيئة سيما مع الانتشار المضطرب للرشوة ببلادنا و “من أجل دينامية وطنية قوية ومعبئة، تطبعها المسؤولية والمصداقية، وترتكز على التكامل المؤسساتي وتحقيق تغيير عميق ومستدام، يتجه نحو تسطيح منحى تفشي آفة الفساد بالمغرب ويتبلور من خلال نتائج ذات آثار ملموسة في الواقع اليومي للمواطن، بما يعزز متطلبات الثقة والانخراط الجماعي “
وبغض النظر عما تطرحه إشكالية طبيعة عمل الهيئة (INPPLC)ومهامها في كيفية محاربة الرشوة وعلاقتها مع النيابة العامة وسبل التنسيق مع هذه الأخيرة وعدم توفر سلطة القمع الشرعي وعدم توفرها كجهاز إداري على سلطة المتابعة، فإنها تساهم من خلال التقارير في كشف جزء مهم من مظاهر الرشوة بالأجهزة الإدارية وفق المهام المخولة لها بموجب المادة الثالثة (3) من القانون 113-12 * بإنجاز تقرير سنوي حول حصيلة أنشطة الهيئة يقدم إلى البرلمان للمناقشة، واستهلت الهيئة تقريرها السنوي سنة 2019 بدراسات قيمة أبرزت خلالها حجم الفساد بالمغرب الذي تمثل جريمة الرشوة أحد صوره الأساسية.
ويبدو أن هذا الإدراك العام تتقاطع معه المعطيات المتعلقة بالمتابعات القضائية ذات الصلة بجرائم الفساد، ولإبراز هذا التقاطع اعتمادا على المعطيات المتعلقة بسنة 2018، أكدت نتائج الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة المحدثة لدى رئاسة النيابة العامة، تلقي حوالي 19.168 مكالمة إلى حدود 31 دجنبر 2018، احتلت فيها التبليغات عن الرشوة في حالة تلبس 63 حالة فقط تهم مختلف مناطق المغرب، وذلك بشأن طلبات رشاوي بمبالغ متفاوتة تراوحت بين 200 درهم و300.000 درهم .
وتهم الأجهزة المعنية بحالات التلبس التي تم ضبطها، أعوان ورجال السلطة (18 حالة)، أعوان الجماعات المحلية (14 حالة)، القوات العمومية(10حالات)، وسطاء (5 حالات)، قطاع الصحة (4 حالات)، قطاع العدالة(4حالات)، قطاع التجهيز والنقل (3 حالات)، مستخدمين (حالتان)، قطاعات أخرى (3 حالات). وقد صدرت بشأنها عقوبة سالبة للحريات وغرامات، كما صدرت أحكام بالبراءة. وتتراوح العقوبات المحكوم بها بين شهر واحد وسنة واحدة حبسا نافذا، بالإضافة إلى الغرامة، كما أكد ذلك تقرير النيابة العامة حول تنفيذ السياسة الجنائية وسير النيابة العامة برسم سنة 2018 .
هذا ويبدو أن هذه المعطيات والأرقام مرتبطة بالرشوة الصغيرة التي لا تساهم في تقويض التنمية إلا بنسب ضئيلة مقارنة مع الرشوة الكبيرة أو العليا التي لا تصل إلى الهيئة أو النيابة العامة عن طريق التبليغات، نظرا لتعقدها وتقاطع المصالح بين الراشي والمرتشي، والتي لا شك يعاني منها المغرب أكثر في ظل الحديث عن بناء صرح نموذج تنموي جديد، بحيث يصعب جدا تحديد حجمها بدقة إلا من خلال نسب النمو الاقتصادي السنوية التي يفقدها المغرب جراء تفشيها وارتفاع مستوياتها، وكثرة مستخدميها كوسيلة لتكديس الأموال والغنى الفاحش مما يكرس مظاهر أبشع من الرشوة في حد ذاتها، مثل تقويض أسس سيادة القانون وتحول نصوصه إلى قواعد تجميل وتأثيث، وتدمير أسس التماسك الاجتماعي والاستقرار في ظل الفوارق الطبقية التي تفرزها ظاهرة الرشوة والفساد بصفة عامة وتهديد السلم الاجتماعي في ظل غياب مبدأ التضامن والتساكن المشترك، وتوسيع دائرة اقتصاد الريع، وتبديد الموارد، وتقويض البرامج الإصلاحية وإفراغها من غاياتها بل وإفلاسها قبل أن تبدأ، والأخطر عرقلة التنمية بالبلاد وتدني مستوى المعيشة الذي اصطدم بواقع الإغلاق التام جراء تفشي فيروس كورونا السنة الماضية
من جهة أخرى وفي معطى كمي، ذي دلالة مهمة، تم تسجيل تفاوت واضح بين المتابعات من أجل جريمة الرشوة المعروضة لدى المحاكم العادية والتي بلغت 9088 متابعة، مقابل 508 متابعة من أجل جرائم الفساد التي تبلغ أو تزيد عن مائة ألف درهم والمعروضة لدى أقسام الجرائم المالية المختصة، والتي تتوزع، حسب محاكم الاستئناف الأربع ذات الاختصاص، كما يلي: قسم الجرائم المالية بمراكش (184)، وبالرباط (160) وبفاس (76)، والدار البيضاء (88).
وللإشارة، فبحصول المغرب سنة 2000 على رصيد 47 نقطة، وعلى رتبة 37 من إجمالي 90 دولة، ظلت هذه النتيجة بمثابة استثناء، حيث لم يتمكن المغرب من الارتقاء إليها منذ ذلك الحين .
من خلال هذه المعطيات يتضح أن المغرب يعاني من ظاهرة الرشوة، التي تؤدي به إلى مراتب متأخرة في التصنيفات الدولية والوطنية بل وتضر بصورته بشكل كبير، خاصة على مستوى النمو الاقتصادي مما يترتب عنه توسيع الهوة بين الفقراء والأغنياء وغياب المصلحة العامة في المعاملات الإدارية، رغم تكريس دستور 2011 على ثقافة إحقاق الحقوق وتخليق المرفق العام والشفافية داخل الجهاز الإداري والحرص على تفعيل مبادئ الحكامة الجيدة.
ووفقا لمؤشر إدراك الفساد لسنة 2019، أن المغرب خسر 7 درجات ليستقر في المركز 80 من أصل 180 دولة، كما فقد نقطتين وانتقل من النقطة 43 على 100 سنة 2018 إلى النقطة 41 سنة 2019. وهي وضعية جعلته في مركز وسط ضمن تصنيف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، حيث يبلغ معدل التوقيت فيها إلى 39/100. كما أقر تقرير 2019 بأن هذه المنطقة لم تحرز تقدما ملموسا في تحسين مجهودات مكافحة الفساد، لكونها تواجه مشاكل فساد كبيرة، نتيجة غياب نزاهة سياسية كبيرة، حيث يشكل مبدأ فصل السلط تحديا آخر، لكون الأنظمة القضائية المستقلة ذات القدرة على مراقبة السلط التنفيذية قليلة أو غير فعالة أو شبه منعدمة، في مجموعة من دول هذه المنطقة وبذلك، يواصل المغرب تقديم ملتبس على الرغم من تعدد المشاريع الإصلاحية وتوفره منذ أواخر 2015 على استراتيجية لمحاربة الفساد، مما يبين أن التحديات أمامه لا زالت كبيرة .
إن ظاهرة الرشوة بالمغرب تؤثر بشكل كبير على مناخ الاستثمار والأعمال، وبالتالي التأثير المباشر على التنمية، مما يستدعي الوقوف مليا أمام سؤال هل نريد حقا التنمية، وهل لدينا الإرادة السياسية الحقيقية لتجاوز مطباتها في ظل الأرقام والأوضاع التي تفرزها ونحن على أفق بناء نموذج تنموي جديد يروم اجتراح حلول للمشاكل العويصة التي يرزح فيها المغرب والتي ازدادت تعقيدا مع جائحة كورونا التي عمقت أكثر جراح التحديات الكبرى للمسار الاقتصادي والاجتماعي وفرص التقدم والازدهار.
ثانيا: دور المجلس الأعلى للحسابات في الكشف عن الفساد الإداري “الفساد المالي نموذجا”
يعتبر المجلس الأعلى للحسابات الجهاز الأعلى للرقابة على المالية العامة بالبلاد طبقا للفصل 147 من دستور المملكة، حيث يتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لرقابته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ عند الاقتضاء عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة. كما تناط به اختصاصات أخرى تتعلق بمراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص النفقات المتعلقة بالعملية الانتخابية. وفضلا عن ذلك، وطبقا للفصل 148 من الدستور، يبذل المجلس مساعدته للبرلمان والحكومة والهيئات القضائية . وينظم عمل المجلس القانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية.
على غرار الأجهزة العليا للرقابة على المالية العامة في الدول التي تعتمد النموذج القضائي، يتولى المجلس من أجل القيام بهذه المهام ممارسة نوعين من الاختصاصات التي ينظمهما القانون 62.99 المتعلق بمدونة المحاكم المالية، وهي اختصاصات قضائية تتجلى في التدقيق والبت في حسابات الأجهزة العمومية المدلى بها من طرف المحاسبين العموميين أو المحاسبين بحكم الواقع، وفي التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية , واختصاصات غير قضائية، تتمثل في مراقبة تدبير مرافق الدولة والمؤسسات والأجهزة العمومية الأخرى لأجل تقديره من حيث الكيف واقتراح الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته ومستوى أدائه , وكذا مراقبة استخدام الأموال العمومية التي تتلقاها المقاولات والجمعيات .وفضلا عن وظيفة الردع التي يختص بها المجلس من خلال نشر تقاريره السنوية , فإنه يسعى إلى إرساء حسن التدبير العمومي وتوضيح المقتضيات القانونية وتدعيم مبادئ الحكامة والنزاهة والشفافية، والحرص على عقلنة التدبير المالي والكشف عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى تبديد الأموال العمومية وممارسة الفساد المالي .
بغض النظر عن النقاش الدستوري حول طبيعة المحاكم المالية هل تعتبر قضائية أم ذات طبيعة خاصة فإنه يساهم في تحقيق الأمن القضائي في المجال المالي، فالمال مال عام والضرورة تقتضي التدقيق في مراقبته وتفعيل المتابعات والعقوبات الزجرية والجنائية إذا كانت الأفعال تقتضي المتابعة الجنائية وتنزيل العقاب على المستحقين.
تتجلى مساهمة المجلس الأعلى للحسابات في الكشف عن حجم الفساد المالي ومحاربته في ترسيخ مبدأ الشفافية الذي عرف انتشارا واسعا بتأسيس منظمة الشفافية الدولية بداية التسعينيات .”عندما أسس الألماني بيتر ايجين مع تسعة آخرين وخمس دول مختلفة، هذه المنظمة الشهيرة التي تهدف إلى محاربة الفساد الإداري والمالي والذي كان السيد ايجين ملما بكثير من تفاصيله بحكم طبيعة عمله في بالبنك الدولي ” ولأن الشفافية تعني تدفق المعلومة وانتشارها فإن المجلس دأب على نشر تقاريره السنوية حتى يتسنى معرفة حجم التجاوزات والاختلالات التي تعتري العمليات المالية وفهم المخاطر التي تنطوي عليها التلاعبات بالمال العام، ومعلوم أن المغرب أخذ بمفهوم الشفافية بعدما تم التأكيد على العديد من الانتقادات للمنظومة الإدارية والإدارة المغربية بعد تقرير البنك الدولي الشهير سنة 1995 الذي كشف عن أعطاب الإدارة المغربية، ويتجلى ترسيخ مبدأ الشفافية في الحق في الاطلاع على المعلومات التي يكفلها القانون ليتسنى للجميع الاطلاع على التدبير المالي العمومي ومسار صرف المال العام بوجه عام.
تلعب تقارير المجلس دورا مهما في تعزيز الشفافية في ظل الأوضاع التي تعيشها الإدارة في التدبير الإداري والمالي والفضائح المالية التي ينشرها في تقاريره السنوية التي تؤثر على مصداقية وفعالية المرفق العام، فالارتقاء بالتدبير المالي رهين بسيادة قيم الشفافية والنزاهة في التعامل مع الأموال العمومية.
إنه من الواضح أن حسن تدبير الأموال العامة يخلق مناخ صحيا للتنمية الشاملة ويفرز تطورات هامة على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية ذلك أن المال عصب الحياة الاقتصادية ولا يتصور نموذج ناجح للتنمية في بيئة ينشط فيها الفساد المالي بأريحية دون عقاب ومتابعة تحد من انتشاره، وعلى هذا الأساس باتت تقارير المجلس الأعلى تلعب دورا مهما بمساهمته في كشف الفساد المالي في التدبير العمومي ويفضح الاختلالات الخطيرة في تبذير المال العام.
يعتبر المجلس الأعلى للحسابات من مؤسسات الحكامة التي جاء بها دستور 2011 ولأن مفهوم الحكامة يرتبط بالتنمية سيما الاقتصادية والاجتماعية فالحكامة الجيدة تسعى لتحقيق التنمية الشاملة من خلال المرتكزات التي تقوم عليها كالشفافية والنزاهة وسيادة القانون والمراقبة والمسائلة والديمقراطية التشاركية، هذه الأخيرة التي تعد ” كأحد أهم المبادئ التي تقوم عليها الحكامة الجيدة، باعتبارها إحدى منهجيات العمل المرتبطة بتدبير المجال ومسلسل تواصلي يمكن الأفراد والأطراف المعنية من تحديد احتياجاتهم وأهدافهم، ويؤدي إلى قرارات مركزة تأخذ بعين الاعتبار آراء وتطلعات كل الأطراف المعنية .
كما تساهم تقارير المجلس في ترسيخ مبدأ الحكامة الجيدة بحيث تغدو لحظة نشر التقارير السنوية لحظة تاريخية حيوية من شأنها منح فرصة دورية للتدريب على ثقافة الحكامة الرشيدة، من إشراك وشفافية ومحاسبة ومساءلة، مما قد يدفع المسؤولين العموميين إلى الحذر واليقظة في تدبير الشأن العام واتقاء عواقب المسائلة الشعبية الانتخابية فلا مناص من عرض التقرير أمام البرلمان وإتباعه بمناقشة علنية ثم استخلاص الدروس والعواقب كما كرسه دستور 2011 . ويتم نشر التقرير بموجب القانون ” قبل نهاية السنة الموالية للسنة التي تم انجازه فيها هذا النشر الذي له مرجعية دستورية وذلك من خلال الفصل 148 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011، ويعتبر تعميم خلاصات وأعمال ومسائلات المحاكم المالية وإشاعتها على الجمهور بطريقة حداثية تتناغم مع المعايير العالمية للرقابة والمحاسبة والتدقيق .
بالرغم من دور المجلس في ترسيخ ثقافة الشفافية والنزاهة والحكامة الجيدة من خلال التقارير السنوية أو التقارير الموضوعاتية في الكشف عن حجم الفساد المالي، إلا أنه يصطدم بجدوائية فائدة هذه التقارير بالنظر لحدود المتابعات التي لا تصل إلى المتابعات الجنائية لناهبي المال العام والمتلاعبين به، وإليه تتحول التقارير وعمل المجلس إلى مجرد مساهمات معنوية تفضح التلاعبات فقط رغم الاختصاصات التي منحت للمجلس بموجب دستور 1996 -2011 ومدونة المحاكم المالية، إلا أن هذه الاختصاصات ظلت محدودة جدا على أرض الواقع مما ترك المجال مفتوحا أمام التلاعبات وتنامي ظاهرة الفساد المالي وحتى بعد دستور 2011 الذي أولى للمجلس أهمية خاصة في تقييم التدبير المالي العمومي مما أفرز وضعا هشا في محاربة الفساد المالي بالمغرب وإليه تفوت الفرص أمام الإصلاح الإداري وتعثر التنمية التي يكابد المغرب في ملامسة جوانبها التي لم تأتي بعد، بل وترهن الميزانية العامة في نفق المديونية التي وصلت لنسب مخيفة في ظل تراجع الاقتصاد “بحيث انتقل معدل انفتاح الاقتصاد المغربي من 51% سنة 2000، إلى أزيد من 64% سنة 2012، ويحتل الرتبة 43 من بين 138 اقتصاد في مؤشر تسهيل المبادلات التجارية ”
وحسب مدونة المحاكم المالية، فإن تحريك المتابعة القضائية يكون مشروطا بمجموعة من الشروط والمساطر. وتنص المدونة على أنه إذا اكتشف المجلس أفعالا من شأنها أن تستوجب عقوبة تأديبية، أخبر الوكيل العام للملك بهذه الأفعال، السلطة التي لها حق التأديب بالنسبة للمعني بالأمر، والتي تخبر المجلس خلال أجل ستة أشهر في بيان معلل بالتدابير التي اتخذتها، أو إذا كان الأمر يتعلق بأفعال يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية، رفع الوكيل العام للملك الأمر من تلقاء نفسه أو بإيعاز من الرئيس الأول إلى وزير العدل قصد اتخاذ ما يراه ملائما، وأخبر بذلك السلطة التي ينتمي إليها المعني بالأمر، ويخبر وزير العدل المجلس الأعلى للحسابات بالتدابير التي اتخذها.
ويرى خبراء القانون أن مسطرة المتابعة تبقى منقوصة، لكونها تستثني من الرقابة والمتابعة أهم فئة من الآمرون بالصرف، وهم الوزراء الذين يديرون المالية العامة في منبعها، وهو ما يؤثر على نجاعة المحاكم المالية في الرقابة، ويجعل مراقبة المال العام محدودة، أمام صعوبة إثارة المسؤولية الجنائية للوزراء أمام المحاكم. وتنص المادة 52 من مدونة المحاكم المالية، على أنه لا يخضع للاختصاص القضائي للمجلس الأعلى للحسابات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أعضاء الحكومة وأعضاء مجلس النواب ومجلس المستشارين عندما يمارسون مهامهم بهذه الصفة.
ورغم هذه الإكراهات والصعوبات فإن المجلس يستمر في نشر تقاريره السنوية «فخلال عام 2018 أنجز المجلس الأعلى للحسابات خمسين مهمة رقابية في ميادين مراقبة تسيير الأجهزة العمومية وتقييم البرامج العمومية، كما أصدرت غرفة المجلس 181 قرارا قضائيا فيما يخص مادة التدقيق والبت في الحسابات و15 قرار في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، كما أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات ثمانية قضايا (8) تتعلق بأفعال تستوجب عقوبة جنائية على رئاسة النيابة العامة.
- وتم تنفيذ 224 مهمة رقابية تندرج في إطار مراقبة التسيير على مستوى بعض الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، وكذا بعض شركات التدبير المفوض.
- هذا بالإضافة إلى إصدار ألف و963 حكما نهائيا في مادة التدقيق والبت في الحسابات و53 حكما في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية.
- وواصلت المحاكم المالية عملية تلقي التصريحات الإجبارية بالممتلكات حيث تلقت خلال سنة 2018 أكثر من تسعة آلاف تصريح، منها 8 آلاف على مستوى المجالس الجهوية، ليصل بذلك العدد الإجمالي للتصريحات التي تلقتها المحاكم المالية منذ سنة 2010 لأكثر من 230 ألف تصريح.
إن فعالية القضاء المالي في الكشف عن حجم الفساد المالي رهين بالجزاءات والعقوبات على المخالفين دون الغرامات الهزيلة التي خصصتها مدونة المحاكم المالية للمخالفين سيما تلك الأموال الهائلة التي تكشف التقارير عن تبديدها ونهبها دون تحريك للمتابعات الجنائية وتنزيل أشد العقوبات على سراق المال العام الذي للأسف لم تعد له الحرمة المفترضة ببلادنا.
وإضافة للآثار السلبية التي يفرزها الفساد المالي في إعاقة عملية التنمية تأتي ظاهرة الرشوة في تأزيم واقع التنمية بالبلاد من خلال آثارها على الدولة والمجتمع.
ثالثا: مجلس المنافسة 20.13
تم تطوير الإطار التشريعي لمجلس المنافسة، بإصدار القانون 20.13 وبه تحول المجلس من مجرد مؤسسة استشارية إلى مؤسسة باختصاصات تقريرية، ويعتبر هيئة مستقلة مكلفة بتنظيم منافسة حرة ومشروعة تضمن الشفافية في العلاقات الاقتصادية بوضع المنافسة الشريفة في السوق، ومراقبة العمليات الاقتصادية المنافية لقواعد المنافسة والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار.
حسب المادة (4) “يمكن للمجلس باقتراح من مقرره العام، أن ينظر بمبادرة منه في كل الممارسات التي من شأنها المساس بالمنافسة الحرة…” هذا وإضافة إلى اختصاصاته الاستشارية، فإن رأي مجلس المنافسة ليس ملزما، بل يدخل في إطار الخبرة التي لا تقيد المحاكم بنتائجها، فإن المعلومات التقنية التي يتضمنها تقرير المجلس حول موضوع الاستشارة ستمكن المحاكم من تقدير الحكم في القضايا المعروضة أمامها، وبالتالي فإن آراء المجلس ستخلق تراكما اجتهاديا معرفيا يساهم بدون شك في ضبط سوق المنافسة .
لقد ذهب المشرع إلى تنفيذ أحكام المنافسة الحرة من خلال حرية الأسعار بتحديد قواعد حماية المنافسة لتنشيط الفاعلية الاقتصادية وحماية رفاهية المستهلكين، وبهدف ضمان الشفافية والنزاهة ومحاربة كل الممارسات الاحتكارية، وحماية النظام العام الاقتصادي، ولكل هذه الدوافع دعت الضرورة لصدور القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار إلى جانب القانون20.13 المتعلق بمجلس المنافسة كما سلف.
ويساهم مجلس المنافسة في لعب دور طلائعي في تطبيق قانون المنافسة ومنع كل الممارسات التي من شأنها المس بحركية السوق سيما وأنه يعتبر من مؤسسات الحكامة الجيدة التي جاء بها دستور 2011، فله منع كل الأعمال والاتفاقات الداعية إلى إلحاق الضرر بمقاولات أخرى من خلال إبرام تحالفات صريحة أو ضمنية كالتحالف لفرض سعر معين كما وقع مع (ملف المحروقات) أو تقسيم الأسواق وحتى الصفقات العمومية.
طبقا لأحكام المادة 23 من القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة رفع هذا الأخير التقرير السنوي إلى الملك برسم سنة 2019، الذي جاء الجزء الثالث فيه، وفي عنوان أهمية المنافسة الحرة والنزيهة لدعم التنمية المستقبلية في المغرب “يتمثل الرهان الكبير الذي يجب على المغرب رفعه لتحقيق التنمية المستقبلية بالبلاد في توفير مناخ ملائم لممارسة الأعمال لفائدة جميع المواطنات والمواطنين الراغبين في المبادرة المقاولاتية، والمخاطرة، والإبداع، وخلق الأنشطة الاقتصادية، والمساهمة في إنتاج الثروة الوطنية ليكونوا أول المستفيدين منها بشكل مباشر، وتمكينهم من القيام بذلك دون حواجز ومعيقات تحول دون تمكينهم من تثمين مؤهلاتهم في مجال المبادرة المقاولاتية، وتجعلهم في حالة فقدان الثقة في مؤسساتهم بشكل مستمر” وهذا ما يؤكد الدور الذي تلعبه التقارير السنوية لإبراز مكامن الخلل التي تشوب التنمية ورفع التحذير من خطورتها، أو رفع رهانات البيئة المناسبة لسلامة العمليات الاقتصادية، كما رفع التقرير حصيلة المجلس في تقنين الأسواق.
وفي إطار الممارسات المنافية للمنافسة “سجل التقرير مجموعة من القضايا التنازعية لمقاولات تدعي بأن الجهات العمومية المشرفة أزاحتها بصفة غير عادلة من مسطرة الصفقات العمومية، أو تعتبر بأن أنظمة الاستشارة ودفاتر التحملات الخاصة المعتمدة من لدن الإدارة تشكل حاجزا يمنعها في الأصل من ولوج الطلبية العمومية”، وفي إطار مهامه في محاربة الممارسات المنافية للمنافسة دائما أشار نفس التقرير أنه خلال توزيع الإحالات التنازعية حسب قطاعات النشاط أن الطلبيات العمومية تتصدر القطاعات التي أصدر المجلس بشأنها قرارات برسم سنة 2019، وبكون الأمر يتعلق بمؤشر وثيق الصلة يهدف إلى قياس درجة مشاكل المنافسة التي يعاني منها هذا الجزء من نشاط الاقتصاد الوطني، والذي يشكل 15% من الناتج الداخلي الوطني الإجمالي حسب برنامج نزع الصفة المادية عن الصفقات العمومية الذي أقرته الخزينة العامة للمملكة. وهنا يبرز دور المجلس في كشف الاختلالات التي ترافق العمليات الاقتصادية التي تدخل في صميم اختصاصاته.
ويستشار مجلس المنافسة وجوبا من طرف الحكومة في مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية أو بإحداث نظام جديد أو تغيير نظام قائم وذلك حسب المادة (7) من القانون 20.13 في:
- فرض قيود كمية على ممارسة مهنة أو الدخول إلى السوق.
- إقامة احتكارات أو حقوق استشارية أو خاصة أخرى في التراب المغربي أو في جزء منه.
- فرض ممارسات موحدة فيما يتعلق بأسعار أو شروط البيع.
- منح إعانات من الدولة أو الجماعات الترابية وفقا للتشريع المتعلق بها…
ويعتبر مجلس المنافسة مؤسسة دستورية، وقد جعل من آلياته ضمان المنافسة الحرة والتنافسة المفتوحة، وصيانة حرية السوق من كل أشكال الاحتكار، كما يعمل على إحالة كل فعل يخل بحرية الأسعار والمنافسة على النيابة العامة من أجل تحريك المتابعة وإحالة الفاعلين على المحاكمة .
رابعا: مؤسسة الوسيط
عرف دستور 2011 مؤسسة الوسيط في الفصل (162) على أنها مؤسسة وطنية مستقلة ومتخصصة، مهمتها الدفاع عن الحقوق في نطاق العلاقات بين الإدارة والمرتفقين، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، وقيم التخليق والشفافية في تدبير الإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والهيئات التي تمارس صلاحيات السلطات العمومية.
وتنظر مؤسسة الوسيط التي حلت محل ديوان المظالم سابقا في تصرفات الإدارة المخالفة للقانون أو المنافية لمبادئ العدل والإنصاف، بحيث وفي إطار المرامي الساعية إلى القطع مع الفساد الذي يطال الإدارة المغربية في تعاملها مع المرتفقين ومحاولة الصلح وإشاعة دولة الحق والقانون ” تتولى مؤسسة الوسيط بمبادرة منها وفق الكيفيات التي يحددها نظامها الداخلي أو بناء على شكايات أو تظلمات تتوصل بها، النظر في جميع الحالات التي يتضرر فيها أشخاص ذاتيون أو اعتباريون، مغاربة أو أجانب، من جراء أي تصرف صادر عن الإدارة، سواء كان قرارا ضمنيا أو صريحا، أو عملا أو نشاطا من أنشطتها، يكون مخالفا للقانون، خاصة إذا كان متسما بالتجاوز أو الشطط في استعمال السلطة، أو منافيا لمبادئ العدل والإنصاف”.
وفي إطار التقارير السنوية التي تصدرها مؤسسة الوسيط والتي ترفعها إلى الملك، فقد جاء في التقرير السنوي لسنة 2018 ، ومن منطلق مساهمته في محاربة كل أشكال الفساد الإداري الذي يشوب عمل الإدارة عبر كشف عناصر التعثر الإداري.
لعل أهم جزء في هذا التقرير هو الجزء الذي يتضمن المعطيات المتعلقة بما أصدرته المؤسسة من توصيات ومآل هذه التوصيات. وموقف الإدارة منها، باعتباره مؤشرا دالا على جدوى اللجوء إلى الوساطة المؤسساتية، وسبيلا لتقوية الثقة في هذا البديل الذي ابتغاه دستور المملكة تعزيزا للبناء الديمقراطي، وتوطيد لركائز دولة الحق والمؤسسات، وحرصا على سمو القانون وسيادته، وانتصارا للشرعية. فتنزيل التوصيات هو الذي يحصن المؤسسة من كل انطباع قد يمتلك الأفراد في موضوع جدوى إحداثها والغاية من وجودها.
خاتمة
إن الفساد الإداري ظاهرة عالمية خطيرة أخذت في التفاقم بشكل كبير، كما أنها لا تشمل دولة دون غيرها سواء كانت متقدمة أو سائرة في طريق النمو، أو ثقافة من الثقافات فهي قضية عابرة للحدود والثقافات استطاعت أن تستفحل في كل المجتمعات لكن بدرجات متفاوتة حسب قوة السياسات المحاربة والمحاصرة لهذه الظاهرة، وحسب تطور كل مجتمع من جهة أخرى.
لقد حاولنا في متن هذا البحث إبراز الجهود التي بذلها المغرب من خلال الآليات القانونية والمؤسساتية لمحاربة للفساد الاداري.
هذا الواقع دفع المغرب في خضم التغيير الدستوري الأخير لسنة 2011 الحرص على تضمين القواعد الدستورية المؤطرة لمحاربة الفساد الإداري، وخلق مؤسسات دستورية معنية بهذا الأمر أو مأسسة مؤسسات قائمة وتعزيز اختصاصاتها لتتبع أحد صور الفساد الإداري، وهذا ما تأكد من خلال دور المجلس الأعلى للحسابات في تتبع المال العام بالمؤسسات والمقاولات العمومية والأجهزة العمومية الأخرى التي تدخل في صميم اختصاصات المجلس المراقباتية، بالنظر لحجم الفساد المهول الذي تكشفه كل سنة تقارير هذا الأخير خصوصا الفساد الذي ينطلي على تدبير عقود الصفقات العمومية التي يبدو أنها مرتع مفضل للفساد المالي والمفسدين، ثم مأسسة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها كهيئة معنية بالفساد الكبير والصغير لظاهرة الرشوة التي تؤكد للأسف مؤشرات مدركات الفساد الصادرة عن منظمة الشفافية الدولية ترانسبارنسي أنها هي الأخرى بنية تطبع السلوك الإداري بالمغرب.
إن سؤال التنمية بالمغرب سيما بعد تقرير لجنة النموذج التنموي وتوصياته، يسائل فرص الإصلاح الإداري ويراهن على فعالية التنزيل الأمثل لتصوراته، فلا يمكن أن نتصور تنمية بدون محاربة الفساد الإداري الذي رأينا سالفا المجهودات الجبارة التي تبذلها الدولة لتلافي معيقاته التنموية.
ثم من خلال تفعيل دور الحكامة الجيدة ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة مع تضمين الدور المحوري للجهاز القضائي سواء المتخصص في جرائم الأموال أو غيره في محاربة كل أشكال الفساد الإداري، فإرساء الحكامة الجيدة يندرج ضمن الأهداف الرئيسية للدولة والأجهزة العمومية في تجويد العمل الإداري وتبسيط عملياته، في سبيل ترجمة السياسات العامة وفق التوجهات الكبرى للدولة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتحقيق وبلوغ التنمية الشاملة، كل هذا رهين بالقضاء على الفساد الإداري وتحقيق تقدم كبير في مجال الإصلاح الإداري ليتسنى للمغرب الخروج من أزمة المعضلة التنموية وفق رؤية استراتيجية متعددة التصورات، مع التأكيد على تسريع التنزيل الفعلي لميثاق اللاتمركز الإداري ومنح اختصاصات فعلية للفاعل المحلي في صياغة التنمية المحلية، وتطبيق ميثاق المرافق العمومية والاستمرار في تتبع مآل الإستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وتفعيل النظام العقابي الجنائي في جرائم الأموال وتقديس المال العام عصب الحياة، فلا معنى إذن لكثرة الوسائل والمراحل الرقابية إذا لم يترجم ذلك إلى المتابعات الجنائية وممارسة الإكراه البدني الردعي للحيلولة دون استمرار الفساد وكسب ثقة ممارسيه بأنه لن يتم متابعته إلا في بعض الغرامات التي للأسف لا ترقى لمستوى فداحة الفعل الجرمي المرتكب والذي يتخلل عملية التدبير العمومي.
لائحة المراجع
– ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27من شعبان 1432(29يوليو2011) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432(29 يوليو2011)
2– ظهير شريف رقم 1.07.202 صادر في 20 من شوال 1429 (20 أكتوبر 2008) بتنفيذ القانون 54.06 المتعلق بإحداث التصريح الاجباري لبعض منتخبي المجالس المحلية والغرف المهنية وبعض فئات الموظفين أو الأعوان العموميين بممتلكاتهم. الجريدة الرسمية رقم 5679 الصادرة يوم الاثنين 3 نونبر 2008
3– المجلس الأعلى للحسابات، التصريح بالممتلكات، الأستاذة سمية السباعي مستشارة مشرفة رئيسة فرع غرفة التصريح الإجباري بالممتلكات، ص: 2
4– ظهير شريف 1.18.15 صادر في 5 جمادى الآخرة 1439(22فبراير 2018) بتنفيذ القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، الجريدة الرسمية عدد 6655 بتاريخ 12 مارس 2018.
5– التقرير التركيبي لليوم الدراسي “الحق في الحصول على المعلومة من القانون إلى التنزيل” بالمعهد العالي للإعلام والاتصال-الرباط23 نونبر2018، ص: 6
6 – ظهير شريف رقم 1.11.164 بتاريخ 19 من ذي القعدة 1432 (17 أكتوبر 2011) بتنفيذ القانون 37.10 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، في شأن حماية الضحايا والشهود والخبراء والمبلغين، فيما يخص جرائم الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ وغيرها الجريدة الرسمية عدد 5988- 22 ذو القعدة 1432 (20 أكتوبر 2011)
7– وزارة تحديث القطاعات العامة، الوقاية من الفساد ومكافحته بالمملكة المغربية، منشورات وزارة تحديث القطاعات، مطبعة الرسالة، الرباط، 2011 ص: 20
8 – ظهير شريف رقم 1.07.58 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الموقعة بنيويورك في 31 من أكتوبر 2003، الجريدة الرسمية بتاريخ 17 من يناير 2008.
9– محمد العلوي، حماية الشهود في جرائم المال العام ، تقرير تركيبي حول ندوة ” حماية الشهود في جرائم المال العام التي نظمتها مؤسسة محمد الإدريسي بشراكة مع كلية العلوم القانونية بأكدال بالرباط ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 116 ، ماي 2014 ص : 224
10 – ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 03.01 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية، الجريدة الرسمية رقم 5029 بتاريخ 3 جمادى الآخرة 1423 (12/08/2002) ص: 2282
11 – الدكتور عبد الكبير يحيا عميد كلية الحقوق بطنجة” المغرب الإداري ” الطبعة الخامسة 2016، مطبعة سبارطيل،ص: 321
12-pacteau(B) M le juge de l’exés de pouvoir et les motifs de l’acte administratif ; LGDJ ;1977 ; p : 47
13– ظهير شريف رقم 1.20.06 صادر في 11رجب1441(6مارس2020) بتنفيذ القانون رقم55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية. الجريدة الرسمية عدد 6866 تاريخ النشر (6مارس 2020)
14– مرسوم رقم 2.20.660 بتطبيق بعض مقتضيات القانون 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، الجريدة الرسمية، عدد 6919 -3 صفر 1442 (21 سبتمبر 2020)
15 – ظهير شريف رقم 1.07.79 صادر في 28 من ربيع الأول 1428 (17أبريل 2007) بتنفيذ القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، الجريدة الرسمية عدد5522 بتاريخ 14 ربيع الآخر 1428(3مارس 2007) ص: 1359.
16– كلمة لوزير العدل بنعبد القادر أمام أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان بمجلس النواب، أوردتها جريدة هسبريس تحت عنوان ” وزير العدل يدعو إلى تسريع المصادقة على “مكافحة غسل الأموال” بتاريخ 22 أبريل 2020/ تاريخ التصفح 28/10/2020
17 – الحكومة المغربية تشدد إجراءات مكافحة غسل الأموال، جريدة الشرق الأوسط، العدد 14976، الجمعة ربيع الثاني 1441-29 نوفمبر 2019، تاريخ التصفح 20/07/2021، ص: 1
18 – إيهاب علي النواب “غسيل الأموال فساد اقتصادي أم سياسي” مقال منشور، شبكة النبأ المعلوماتية، منشور بتاريخ 11.02.2017/ تاريخ التصفح 18/07/2021 ص،1
19– مرسوم رقم 2.12.412 صادر في 24 من ذي القعدة 1433(11أكتوبر 2012) بتطبيق أحكام المادتين 4و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول في شأن التعيين فيها في مجلس الحكومة، الجريدة الرسمية عدد 6091-28 ذو القعدة 1433 (15أكتوبر2012).
20 – مرسوم رقم 2.12.412 صادرفي 24من ذي القعدة 1433(11أكتوبر 2012) بتطبيق أحكام المادتين 4و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12 فيما يتعلق بمسطرة التعيين في المناصب العليا التي يتم التداول فيها في مجلس الحكومة.
21 – مقتطف من خطاب الملك الموجه إلى القمة 31 لرؤساء دول وحكومات الإتحاد الإفريقي المنعقد بنواكشط بتاريخ 1 يوليوز 2018
22– البوابة الوطنية، مناقشة مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مجلس النواب، تاريخ التصفح 20/10/2020
23 – المرسوم رقم 2.05.1228 الصادر في 3 صفر 1428 (13 مارس 2007).
24– التقرير السنوي الأول للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها برسم سنة 2019، الموقع الإلكتروني للهيئة، تاريخ التصفح 15/10/2020
25 – ظهير شريف رقم 1.15.65 صادر في 21 شعبان 1436(9يونيو 2015) بتنفيذ القانون رقم 113-12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الجريدة الرسمية 6075
26– التقرير السنوي للهيئة الوطنية…، نفس المرجع أعلاه، ص: 43
27 – التقرير السنوي للهيئة الوطنية…، مرجع سابق، ص: 44
28– قرارات صادرة عن غرفة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية / بالمجلس الأعلى للحسابات /ص: 5 / أبريل 2019
29 – قرارات صادرة عن غرفة التأديب المتعلقة بالميزانية والشؤون المالية/ مرجع سابق ص: 5
30 – محمد براو ر” الشفافية والمسائلة والرقابة العليا على المال العام في سياق الحكامة الرشيدة ” ص: 19
31 – نجيب جيري ” الديمقراطية المحلية وسؤال الحكامة الجيدة ” مجلة مسالك في الفكر والسياسة والاقتصاد، العدد 29/30 ,2015ص: 19
32 رشيد قاعدة ” المحاكم المالية والتدبير العمومي الجديد ” أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق السويسي السنة الجامعية 2016/2017 ص: 339
33 – محمد براو ” الوسيط في شرح قانون المحاكم المالية الكتب الثلاث ” منشورات مكتبة دار السلام الرباط، سنة 2011، ص:414
34- Rapport du Conseil Economique Social et Environnement: Cohérence des politique et Accords de libre –Echange: Fondements Stratégiques pour un Développement Soutenu et Durable ;2014 p: 29
35 تقارير مراقبة المال العام بالمغرب: لحظة احتفالية أم محاربة الفساد، المصدر موقع الجزيرة مباشر، المغرب 13أكتوبر 2019، تاريخ التصفح 10/10/2020
36 – ظهير شريف رقم 1.17.117 صادر في 2 رمضان 1435(30يونيو 2014) بتنفيذ القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، الجريدة الرسمية 6276 بتاريخ 24 رمضان 1435 (24 يوليو 2014).
37 – عبد العزيز حضري “مجلس المنافسة وتنظيم السوق” المجلة المغربية للقانون والاقتصاد، العدد (3) يونيو 2001 ص:106
38– مرسوم رقم 2.14.652 الصادر بتاريخ 8 صفر 1436(فاتح دجنبر 2014) بتطبيق القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، الجريدة الرسمية عدد 6314 بتاريخ 11صفر 1436 (14دجنبر 2014) ص:8230 – تقرير مجلس المنافسة2019
-39 www.conseil-concurrence.ma p:106
40 – أبرز محاور تقرير مجلس المنافسة الذي رفعه الكراوي إلى الملك، مقال بجريدة télé Maroc نشرت بتاريخ 15/07/2020 التصفح 28/06/2021 ص:1
41 – المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية المؤتمر الثاني عشر لرؤساء إدارات وهيئات قضايا الدولة “الآليات الأممية لمكافحة الفساد ومدى تبني المملكة المغربية لمضامينها” بيروت- لبنان 016/08/24-222 منشور بموقع، الوكالة القضائية للمملكة، وزارة الاقتصاد والمالية. ص:1
42– ظهير شريف رقم 1.11.25 صادر في 12 ربيع الآخر 1432 (17 مارس 2011) بإحداث مؤسسة الوسيط. الجريدة الرسمية عدد 5926 12 ربيع الآخر 1432 (17 مارس 2011) ص: 802
43 – ظهير شريف رقم 1.11.25 مرجع سابق، المادة الخامسة من الفصل الأول من الباب الثاني ص: 803
44 – تقرير مؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2018، الجريدة الرسمية عدد 6840-22ربيع الآخر 1441(19ديسمبر 2019) ص: 11249