التسويق الترابي كآلية لتفعيل المقاربة التنموية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة نموذجا
يعرف التسويق الترابي (le marketing territorial) على انه نشاط إنتاج المعارف التي تهدف إلى تحقيق المصالح الاقتصادية والإستراتيجية لمنطقة معينة.
وهو بهذا المعنى يعني استعراض كل جماعة ترابية ما لديها من مقومات ومؤهلات لجلب الرساميل. فمثلا جهة طنجة- تطوان- الحسيمة لها من المؤهلات ما يجعلها قطبا اقتصاديا تنمويا على الصعيد الوطني، من خلال احتلالها المرتبة الخامسة من بين عدد سكان المغرب، وكذلك احتضانها لثمانية أقاليم تمتزج فيما بينها مانحة الجهة مؤهلات مهمة في جميع المجالات ( صناعية اقتصادية فلاحيه خدماتية سياحية وكذا ثقافية ).
وبهذا ستشكل القطب الاستثماري لا محال على مختلف مستويات المغرب، والأكيد سوف ترى أنها تشكل نموذجا إلى جانب جهة الدار البيضاء سطات في الدفع بالجهة كأداة لقوة الدولة. من خلال البحث عن آليات جديدة لإنعاش الاقتصاد المحلي، الذي سوف ينعكس بدوره على مصالح المواطنين.
وذلك في ظل سيادة منطق السوق وتقليص مجانية الخدمات العمومية أو بالأحرى تأكلها والسير نحو اندحارها.
وهذا ما يستشف من خلال العديد من الأنشطة التي يقوم بها مجلس جهة طنجة- تطوان- الحسيمة في الآونة الأخيرة، كاستقبال وفد الوكالة الفرنسية للتنمية من قبل رئيسة الجهة الأنفة الذكر (فاطمة الحساني) بتاريخ 28 نونبر 2019.
بغية الاطلاع وتقديم النتائج الأخيرة للمهام المنجزة، وكذلك توجهات الجهة بما يتلاءم مع الأهداف ومراعاة لخصوصية الجهة. على غرار باقي الأنشطة المنظمة من قبلها. نظرا لما للتسويق الترابي من أهمية ينعكس بها على المستوى الاقتصادي للبلاد عامة وعلى الصعيد الجهوي خاصة.
فبفضله يجعل الجماعات الترابية بمقوماتها الثلاث (الجهة-العمالات والأقاليم-الجماعات) مقاولات حقيقية ذات مردودية مباشرة تمكن من مجاورة الدولة في الرهانات المطروحة، وأداة لجلب شريحة اكبر من المستثمرين وأداة فعالة للتشجيع على الاستثمار.
ولئن كان الهدف المنشود من وراء هذا التنصيص ونخص بالذكر المادة 80 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المنظم للجهات، يندرج ضمن فلسفة ابتغاها المشرع الترابي هي تحقيق التنمية المستدامة من خلال إشباع حاجيات الأجيال الحالية وتحقيق رفاهيتهم دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على إشباع حاجياتهم، أخذة بعين الاعتبار تحديات الحفاظ على الأنظمة البيئية ومحدودية الموارد الطبيعية القابلة للتجديد.
اقرأ أيضا : المغربية نجاة بلقاسم من راعية غنم إلى مروضة سياسة “قصة نجاح”
فانه لا يتأتى ذلك إلا عبر استحضار الرسم الحضاري كأحد الجوانب الأربعة التي يمر منها الذكاء الترابي إن شئنا القول وهي على الترتيب الأتي ذكره:
- الرسم الحضاري
- المقاربة الاستشرافية
- المقاربة التشاركية
- استعمال نظم المعلومات
وبالتالي فإذا ما قمنا بإعمال المنهج المقارن للمراحل الثلاث مع المرحلة الأولى (الرسم الحضاري) نجده يكون لنا أهم عنصر في رسم معالم التسويق الترابي للجماعات الترابية ككل.
كون وضع أية سياسة للتنمية يحتاج إلى معلومات دقيقة حول الوضعية العامة للمدينة بكل تفصيل.
ومن ثم تحديد مواطن القوة والضعف والفرص والتهديدات الحالية والمتوقعة، كونه يعطي رؤية مستقبلية للنشاط الاقتصادي المراد انجازه، كيفما كان الهدف المتوخى منه.
إقرأ أيضا : أزمة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة و تحدي التأهيل و إعادة الإدماج،أي توجه؟
وذلك بإعطاء رؤية واضحة للمشروع التنموي.
فكم من مرافق تم إنشائها كان الهدف المتوخى منها تحقيق التنمية، على صعيد مجالس الجماعات الترابية ولم تستغل بل ضلت فارغة ( الأسواق النموذجية مثلا) نتيجة الفقر في المعلومات الدقيقة والمفيدة.
ومن تم فعلاج أزمة المعلومات لن يتم إلا عن طريق الرسم الحضاري المعقلن، من خلال تبني المعلومات الحديثة وتحويلها إلى مؤشرات فعالة قابلة للقياس عليها.
ونظرا لما تكتسيه مرحلة الرسم الحضاري في التسويق الترابي على صعيد الجماعات الترابية، وما قد ينتج عنه فشل المشروع التنموي وضياع المصالح، أثرت التطرق إليه في غضون هذه الأسطر موضحا تجليات مكامن القوة ومكامن ضعف التسويق الترابي الممنهج، الشيء الذي سيرتب لا محال تقهقر الأوضاع لذا الساكنة المعنية.
التسويق الترابي كآلية لتفعيل المقاربة التنموية جهة طنجة-تطوان-الحسيمة نموذجا