المبحث الثاني: التشريع الرياضي في قطر ومصر
لما كانت الرياضة في جوهرها نشاط إنساني ،واعتبارا لكون السلوكيات العنيفة لصيقة بالنشاط الإنسان وترتبط به ، فإن التشريعات بما لها من أدوات تشريعية وتنفيذية ،ذهبت إلى تأطير هذه السلوكيات ، لتفتح بذلك المجال لمواكبة التغيرات في شتى المجالات .
وعالم الرياضة كمفهوم مستجد يعتبر النشاط الإنساني الأبرز بالنظر إلى دوره في تحريك الجماهير والمؤسسات ، لذلك احتاجت معظم التشريعات إلى التأسيس لي هذا المفهوم وتأطير الجرائم المرتبطة به وقد ارتأينا التطرق ضمن هذا المبحث للتجربة القطرية في المطلب الأول، بين سنخصص المطلب الثاني للتجربة المصرية.
المطلب الأول : التنظيم التشريعي القطري للمجال الرياضي
نظرا للأهمية البالغة التي يعنى بها قطاع الرياضة ضمن برامج ومخططات دولة قطر فقد عملت على تنظيم هذا المجال من خلال اصدار مجموعة من القوانين توخت منها النهوض بقطاع الرياضة وتنظيمه، وللوقوف على هذه القوانين سنقسم هذا المطلب إلى فقرتين ، نخصص (الفقرة الأولى) للحديث عن التنظيم الرياضي في القوانين القطرية، بينما سنخصص (الفقرة الثانية) للتنظيم القانوني للهياكل الرياضية في قطر.
الفقرة الأولى: التنظيم الرياضي في القوانين القطرية
إن الاطلاع على واقع التشريعات الرياضية في قطر، يوضح بأن لدستور[18] الدولة السبق في الإفصاح عن إرادة الدولة صوب الاهتمام بالرياضة والنشء ، فالدولة ترعى النشء وتوجه له كل الاهتمام والرعاية لتطوير مملكاته في شتى المجالات بما فيها المجال الرياضي وهو ما يستشف من المادة 22 منه التي نصت على أنه:” ترعى الدولة النشء، وتصونه من أسباب الفساد وتحميه من الاستغلال، وتقيه شر الإهمال البدني والعقلي والروحي ، وتوفر له الظروف المناسبة لتنمية ملكاته في شتى المجالات ، على هدى من التربية السليمة “.
كما اهتمت العديد من الأدوات التشريعية في قطر بالمجال الرياضي ومنها القانون رقم 1[19] لسنة بتنظيم الأندية الرياضية و يتكون هذا القانون من 59 مادة موزعة على ثمانية الفصول، الفصل الأول يظم بعض التعاريف والفصل الثاني ينظم إنشاء النادي ونشاطه والفصل الثالث إدارة النادي، الفصل الرابع ينظم الجمعيات العمومية والفصل الخامس أموال النادي، الفصل السادس دمج النادي وحله ، الفصل السابع العقوبات والفصل الثامن يظم أحكام ختامية .
وقد عرفت المادة الأولى من هذا القانون النادي بأنه” كل هيئة ذات تنظيم مستمر ، تهدف إلى القيام بنشاط رياضي، وتهيئ الوسائل وتوفر الخدمات اللازمة لتحقيق أهدافها ، بما يعود بالنفع على جميع الأعضاء من جميع النواحي الاجتماعية والترويجية والبدنية والصحية ، ولا تهدف إلى تحقيق الربح بصفة أساسية”.
وقد نصت المادة 49 منه على العقوبات المقررة في هذا القانون حيث جاء فيها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تتجاوز 10000 أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نفذ نشاطا للنادي، قبل الترخيص به وشهره طبقا لأحكام هذا القانون، كل من حرر أو قدم أو أمسك محررا أو سجلا، مما يلزمه هذا القانون أو القرارات الصادرة تنفيذا له بتحريره أو بتقديمه أو إمساكه ، يشتمل على بيانات كاذبة مع علمه بذلك ، أو تعمد إخفاء بيان مما يلزمه القانون بإثباته، أو امتنع عن تقديمه للجهة المختصة .
وكل من استمر في مواصلة نشاط ناد تم دمجه أو حله، أو تصرف في أمواله على أي وجه بعد نشر قرار الدمج، وكل سمح لغير أعضاء النادي المقيدة أسماؤهم في سجلاته بالاشتراك في إدارته أو في مداولات الجمعية العمومية وكل مصف وزع أموال النادي على خلاف ما يقضي به هذا القانون أو القرار الصادر بالحل وكل من امتنع دون عذر مقبول من مسؤولي وموظفي النادي عن تسليم أموال النادي وسجلاته ومستنداته وموجوداته إلى من حددهم القانون في حالة دمج النادي أو حله بحسب الأحوال وكل من خالف أيا من أحكام المادة 48 [20]من هذا القانون .
الفقرة الثانية: التنظيم القانوني للهياكل الرياضية
عمل التشريع القطري على إصدار قانون بشأن اللاعبين والإعلاميين والإداريين والشباب المختارين لتمثيل الأندية والاتحادات والجمعيات الشبابية والرياضية رقم 2/1993[21] الذي جاء في مادته الأولى من القانون أنه يعتبر اللاعبون والإعلاميون والإداريون والشباب الذين تختارهم الهيئة العامة للشباب والرياضة خارج البلاد أو داخلها ، في مهمة رسمية طوال مدة قيامهم بهذا التمثيل .
وتعتبر هذه المدة أيام عمل ولا تدخل في حساب الإجازات، وقد حددت المادة 2 النطاق إذ جاء فيها ” يسري حكم المادة السابقة على جميع العاملين في الوزرات والأجهزة الحكومية الأخرى والهيئات والمؤسسات العامة والشركات والمنشآت الخاصة وغيرها . ولا تطبق على من يتم اختيارهم باستثناء الإداريين والإعلاميين خلال مدة قيامهم بالمهمة الرسمية المذكورة ،الأحكام القانونية الخاصة ببدل التمثيل ونفقات السفر ومصاريف الانتقال “. مرسوم رقم 36[22] بتنظيم اللجنة الأولمبية القطرية يتكون هذا المرسوم من عشرة مواد وقد عرفت المادة الأولى منه اللجنة الأولمبية القطرية بأنها هيئة رياضية مستقلة ، غير ذات طابع سياسي أوديني أ وتجاري ، تتمتع بالشخصية الاعتبارية وتكون غير محددة المدة . وتهدف هذه اللجنة إلى نشر الرياضة والترويح البدني و رعاية وتطوير الحركة الأولمبية وفق الأسس التي يقوم عليها الميثاق الأولمبي ، ودعم تطوير الأداء الرياضي في إطار الروح الأولمبية .
وقد جاء في المادة من هذا المرسوم بأن الجمعية العمومية هي السلطة العليا للجنة ، ويحدد النظام الأساسي كيفية تشكيلها، والاختصاصات التي تباشرها ومواعيد اجتماعها العادية وغير العادية، وكيفية اتخاد قرارتها وتعديل نظامها الأساسي.
كما عملت دولة قطر إيمانا منها بدور القانون في حماية الملكية الفكرية الرياضية على إصدار القانون رقم 27 [23] بشأن حماية علامات وشعارات ومصنفات والحقوق المجاورة لدورة الألعاب الأسيوية الخامسة عشر وقد عرفت المادة الأولى منه علامات وشعارات الدورة بأنها كل ما يتخذ شكلا مميزا من المؤشرات والإشارات والأسماء والإمضاءات والكلمات والحروف والأرقام، الرسوم، الصور، الرموز، الدمغات، والأختام والتصاوير والنقوش البارزة وأي إشارة أخرى أو تشكيل من الألوان أو صوت أو مجموعة من الإشارات المتعلقة بالدورة .
وعرفت المصنفات والحقوق المجاورة للدورة بأنها كل مصنف سمعي أو بصري أو تسجيل سمعي أو منتج أو مصنف مشترك أو مصنف فنون تطبيقية أو أداء علني أو حقوق مجاورة أو فلكلور وطني وغيرها من الأفكار الإبداعية الخاصة بالدورة أو أي فعالية من فعاليتها والتي يمكن اعتبارها مصنفات أو حقوق مجاورة وفقا لهذا القانون أو أي قانون آخر.
وقد نصت المادة ّ9 من هذا القانون على الأفعال المجرمة والعقوبة المقررة لها إذ جاء فيها أنه يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تزيد على مائة ألف ريال ، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من زور أو قلد علامة أو شعارا أو شعارات الدورة المسجلة وفقا لأحكام هذا القانون،
استعمل بسوء قصد علامة أو شعار علامة أو شعار مزور أو مقلد من علامات الدورة، باع أو عرض للبيع أو التداول أو حاز بقصد البيع بغير حق منتجات عليها علامة أو شعار مزور أو مقلد من علامات وشعارات الدورة مع علمه بذلك ، قام بسوء قصد بصنع أو استيراد بضاعة تحمل علامة أو شعار من شعارات الدورة مزورة أو مقلدة ، قدم أو عرض خدمات مستغلا علامة أو شعارا من علامات وشعارات الدورة بغير حق مع علمه بذلك وكل من أوحى في دعايته أو إعلاناته بسوء قصد بوجود علاقة للبضائع أو الخدمات التي يقدمها أو الأنشطة التي يزاولها باللجنة أو الدورة أو شعارات وعلامات الدورة أو أنشطتها أو فعاليتها سواء خلال الدورة أو في أي وقت آخر .
كما أصدرت قانون بشأن مساهمة بعض الشركات المساهمة في دعم الأنشطة الاجتماعية والرياضية رقم 13[24] الصادر سنة 2008 جاء في المادة الأولى منه أنه يحصل مبلغ 2،5 في المائة من صافي الأرباح السنوية للشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام في حين نصت المادة الثانية منه على أنه :” يخصص المبلغ المنصوص علية في المادة السابقة ، لدعم الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية والخيرية ، وتؤول تلك الحصيلة إلى صندوق يصدر بإنشائه وتحديد أهدافه وموارده المالية وكيفية إدارته “.
ويتضح أن دولة قطر اعتمدت في تنظيمها للأنشطة الرياضية العديد من التنظيمات والتشريعات القانونية بغرض فرض الانضباط على المجال الرياضي والسيطرة على الانفعالات والنزوات السلبية ، لأنه غالبا ما يتحول الأمر أثناء المنافسات الرياضية من متابعة أو مشاهدة لأحداث رياضية إلى عمليات أو سلوكات لا أخلاقية وغير سوية متنافية مع أهداف الرياضة والنصوص القانونية المنظمة لها.
تابع قراءة المقال في الصفحة التالية