المطلب الثاني: الرياضة في التشريع التونسي
قبل صدور الدستور التونسي لسنة 2014 ، كانت تعرف معظم القوانين نوعا من التشتت، الأمر الذي شهدته كذلك القوانين المنظمة للمجال الرياضي، ونظرا لكثرة هذه القوانين فقد ارتأينا في هذا المطلب أن نتناول أهمها فقط ويتعلق الأمر بالقانون المنظم للهياكل الرياضية(الفقرة الأولى)، والقانون المنظم لمراكز التكوين الرياضي(الفقرة الثانية) الذي صدر حديثا.
الفقرة الأولى: القانون المنظم للهياكل الرياضية
باستقراء مقتضيات القانون التونسي المنظم للهياكل الرياضية نجده(أولا) قد نص في الفصل الأول منه على أهم العناصر المكونة للهياكل الرياضية، فقد جاء فيه:” تتكون الهياكل الرياضية من هياكل خاصة واللجان البلدية للرياضية، وتعد في مفهوم هذا القانون هياكل رياضية خاصة الجمعيات والجامعات”.
وتنبغي الإشارة أن هذا القانون خضع لعدة تعديلات كان أولها تعديل 2006 بمقتضى القانون رقم 49[11] الذي أضيفت بمقتضاه اللجنة الأولمبية التونسية[12]، وقد أكد هذا القانون على المكانة التي تحظى بها لوائح اللجنة الأولمبية الدولية[13] باعتبارها مصدر مباشر من مصادر القانون الرياضي، مع الإحالة فيما يخص تنظيم اللجنة ذاتها إلى قانون الجمعيات وإلى القانون الأساسي للجنة، وقد حظيت اللجنة الوطنية الأولمبية في هذا القانون بمكانة خاصة، إذ صنفت كنوع خاص ومميز من الهياكل الرياضية، مع أنها تستعير جميع خصائصها من الهياكل الرياضية الخاصة وقانون الجمعيات الأهلية[14] .
وقد خضع قانون الهياكل الرياضية في نفس السنة(2006) بموجب القانون عدد 79 الذي أقر مبدأ انتخاب ثلثي أعضاء المكاتب الجامعية، لكنه أجاز لوزير الرياضة أن يضع استثناء لهذا المبدأ يتمثل في انتخاب كل الأعضاء المنتمية للمكاتب الجامعية (الفصل 14)، ويعاب على المشرع التونسي أنه لم يبين صيغة هذا الانتخاب ولا قواعده، وهو ما سمح للجامعات بأن تختار بين نظام الاقتراع على القائمات ونظام الاقتراع على الأفراد[15].
وفي سنة 2014 صدر الدستور الجديد للجمهورية التونسية الذي أشار إلى الرياضة بنص صريح خلافا لدستور 1959، فنص بفصله 43 على أنه:” تدعم الدولة الرياضة وتسعى إلى توفير الإمكانيات اللازمة لممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية”.
بعد ذلك صدرت مجموعة من القوانين الحديثة التي تعنى بالمجال الرياضي كالقانون المنظم لمراكز تكوين وإعداد رياضيي النخبة الصادر سنة 2016.
الفقرة الثانية: القانون المنظم لمراكز تكوين وإعداد رياضيي النخبة
بعد الثورة التونسية، عرفت القوانين الوطنية عدة تعديلات، وفي المجال الرياضي فقد صدر حديثا قانون ينظم مراكز تكوين وإعداد رياضيي النخبة[16]، وقد تضمن هذا القانون ثمانية فصول.
باستقراء الفصل الأول من هذا القانون نجده يؤكد على أن مراكز التكوين تتمتع-بعد إحداثها- بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، وتتخذ شكل مؤسسات عمومية ذات صبغة إدارية تخضع لإشراف الوزارة المكلفة بالرياضة وتلحق ميزانيتها ترتيبا بميزانية الدولة.
وقد كان هدف المشرع التونسي وراء إحداث هذه المراكز هو قدرتها في المساهمة في تهييئ نخب رياضية ذات كفاءة وخبرة من شأنها النهوض بقطاع الرياضة، ولهذه الغاية أوجب هذا القانون على مراكز التكوين الرياضية العمل على التنسيق مع الجامعات الرياضية المعنية لاكتشاف المواهب الرياضية وتأطير العناصر المنتقاة وإيوائها، وبالتالي توفير الإقامة والتغذية والنقل لرياضيي النخبة[17] .
وبالرجوع للمادة الخامسة من هذا القانون نجدها تنص على أنه في حالة حل مركز لتكوين رياضيي النخبة، فإن أمواله وممتلكاته ترجع إلى الدولة .
وما يعاب على المشرع التونسي أنه لم يحدد في هذه المادة أسباب حل مراكز التكوين الرياضي هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم تشر المادة إلى مصير رياضيي النخبة الذين كانوا يخضعون لتكوين مستمر بالمركز خاصة وأنها أكدت أن أموال وممتلكات المركز ترجع للدولة، ويطرح الإشكال في هذه الحالة حول مدى أحقية هؤلاء في الرجوع على الدولة لتعويضهم عن الضرر الذي لحقهم جراء هذا الحل.
يلاحظ من خلال دراستنا لبعض القوانين المنظمة للمجال الرياضي في التشريع التونسي أن هذه القوانين تعرف نوعا من التشتت، ما يستدعي من المشرع التونسي تجميع هذه القوانين في قانون واحد يعنى بتنظيم المجال الرياضي شأنه في ذلك شأن التشريع المصري.