سفیان شاوش
– طالب باحث بماستر قضاء الأسرة
بكلیة الشریعة بفاس-
تعتبر قضایا النفقة من المسائل التي تطرح إشكالات بالنسبة للمغاربة المقیمین بالخارج، وعلى وجه الخصوص التشریعات غیر الإسلامیة كأوربا بمناسبة تطبیق قانون الإقامة الذي یرتب آثارا لا تتوافق ومبادئ الشریعة الإسلامیة ومن خلالها مدونة الأسرة، على عكس التشریعات العربیة التي لا تختلف كثیرا من حیث الأسس على ما هو معمول به في مدونة الأسرة، ومرد احتدام وتنازع قوانین الأحوال الشخصیة أن المیدان الأسري یعتبر مجالا خصبا لتباین خصوصیات ومرجعیات الشعوب.
وتأسیسا على ما سبق یمكن طرح الإشكالیة المركزیة المتعلقة أساسا بمدى حمایة حق نفقة الأسرة المغربیة المقیمة بالخارج؟
وإلى أي حد تحترم القوانین الوطنیة في مواجهة قوانین الإقامة الغربیة، ثم ما هي أوجه التقارب والتباعد بین التشریعات الأوربیة ومدونة الأسرة المغربیة؟
كل هذه الأسئلة سنحاول الإجابة عنها مبرزین اوجه التضارب على المستویین التشریعي والقضائي المقارن، وذلك عن طریق تقسیم هذه المداخلة إلى محوریین :
نفقة الزوجة قبل وبعد الطلاق (المحور الأول) ثم خصصت (المحور الثاني) لنفقة الطفل في المهجر من خلال مقاربة رصدت فیها المزایا التشریعیة هنالك ، وتعرضت لأبرز الإشكالیات المتعلقة بمدى إمكانیة تنفیذ مقررات النفقة في الداخل.
المحور الأول:النفقة المتعلقة بالزوجین المغربیین في التشریعات الأوربیة أثناء الزواج وبعد انحلاله
تختلف الأحكام المنظمة للنفقة في دول المهجر وخاصة الدول الأوربیة التي لا تدین بدیانة الإسلام عما هو مقرر في مدونة الأسرة المستلهمة أساسا من أحكام الشرع
الإسلامي، سواء أثناء الزواج (أولا) أو بعد انحلاله (ثانیا).
أولا: الاشكالات المرتبطة بنفقة الزوجة في المهجر –التشریعات الأوربیة نموذجا-
من المعلوم أن مدونة الاسرة المغربیة قد منحت للزوجة الحق في النفقة واعتبرتها دینا في ذمة الزوج لا تسقط بالتقادم، عكس التشریعات الاوروبیة التي تتبنى
مقتضیات المادة 16]1[من اتفاقیة القضاء على جمیع انواع التمییز ضد المرأة القائمة على مبدأ التشارك بین الزوجین في تحمل مسؤولیات الأسرة بما في ذلك مسؤولیاتها المادیة.
وهذا ما ذهب الیه القانون البلجیكي الذي ینص على مبدأ المساواة بین الزوجین في مسائل تدبیر أمور المنزل طبقا لمقتضیات المادة 221من القانون المدني البلجیكي.
وكذلك القانون المدني الفرنسي الذي ینص في المادة 214 على أنه ”یتحمل الزوجان تكالیف الحیاة الزوجیة حسب طاقات كل واحد منهما إذا لم تحدد اتفاقاتهما الزوجیة ذلك.
كما تؤكد أیضا معاهدة 2 أكتوبر 1973 الخاصة بواجب النفقة في مادتها 4 على المساواة في تحمل الأعباء بین الزوجین.[2
ومن خلال هذه المقتضیات تتضح لنا إشكالیة مفادها أن الزوجة في المهجر لا تستطیع أن تستخلص حقها في النفقة الزوجیة وفقا لقانون الإقامة في أوربا، ویبقى لها الحق في أن ترفع الدعوى أمام القضاء المغربي، لاستیفاء نفقتها وفقا لمقتضیات مدونة الأسرة التي تلزم الزوج بالنفقة مبدئیا، على اعتبار أن التشریعات الأوربیة لا تقر بهذا المبدأ، إلا أن طلب تنفیذها في الخارج قد یقابل بالرفض لمخالفته النظام العام الأوربي.
ثانیا: إمكانیة تنظیم حق النفقة بین الزوجین بعد انحلال الزواج بناء على الاتفاق أو عن طریق القضاء
البند الأول: ترتیب حق النفقة بناء على الاتفاق- تقویة لقانون الإقامة على حساب مدونة الأسرة –
تعد مؤسسة الطلاق الاتفاقي من بین أهم المؤسسات التي تقوم علیها معظم الأنظمة القانونیة الأوربیة، لكونها تكرس مظهرا من مظاهر المساواة بین الجنسین في إنهاء العلاقة الزوجیة، فطالما أن إرادة الزوجین هي التي أبرمت عقد الزواج من خلال التوافق والتراضي فإنه لا یمكن وضع حد لهذا العقد إلا إذا اجتمعت الإرادتین معا على ذلك.[3[
وتبعا لذلك فقد انتبه المشرع الأسري لأهمیة هذه المؤسسة لتقویة القدرة التنافسیة للقانون الوطني في مواجهة قانون إقامة المغاربة المقیمین بالخارج. وإن كان انفصام العلاقة الزوجیة عن طریق الطلاق الاتفاقي في ضوء المدونة لا یثیر أي إشكال موضوعي داخل المغرب أو في المهجر، فإن اتفاق الزوجین على آثاره طبقا لقانون الإقامة قد یحدث تباین على مستوى المصالح المادیة التي یرتبها، مما قد یؤدي إلى تقویة قانون الإقامة على حساب القانون الوطني للمغاربة في المهجر، كیف ذلك؟
جدیر بالذكر أن المشرع المغربي أخذ بمبدأ اعتداد المرأة في بیت الزوجیة، حیث تمكث فیه حتى تنتهي عدتها، ولما كان الطلاق الاتفاقي وفق مدونة الأسرة طلاقا بائنا، حیث نصت في المادة 123 على أن ”كل طلاق أوقعه الزوج فهو رجعي، إلا المكمل للثلاث والطلاق قبل البناء والطلاق بالاتفاق والخلع والمملك“. وأن للزوجة المبانة الحق في السكنى والنفقة إذا كانت حاملا إلى حین وضع حملها، وإذا لم تكن حاملا السكنى دون النفقة خلال فترة عدتها.
وإذا ما رجعنا إلى المادة 114 من م أ نجدها تنص عل أنه یمكن للزوجین أن یتفقا على مبدأ إنهاء العلاقة الزوجیة دون شروط أو بشروط لا تتنافى مع أحكام هذه المدونة، ولا تضر بمصالح الأطفال، فیلاحظ أن المشرع قید تنظیم الزوجین للآثار المترتبة عن طلاقهما بشروط لا تتنافى مع أحكام المدونة، ومن هذه الشروط شرط النفقة على المطلقة خارج فترة العدة لأن سبب النفقة في الشرع الإسلامي ومعه مدونة الاسرة یتمثل في الزوجیة، في حین أن بعض التشریعات الأوربیة كالمشرع
البلجیكي الذي نظم وبشكل دقیق الطلاق الاتفاقي، منح حریة مطلقة للزوجین في اتفاقهما، وقیدها فقط بمدى مراعاة الاتفاق لمصالح الأطفال إن وجدوا، ولأن النفقة بین الأزواج من أكثر الآثار حساسیة وإثارة للمشاكل عقب الطلاق، لذلك أولى هذه النقطة أهمیة كبرى في متن الاتفاق حیث یتراضى الطرفین على كیفیة النفقة ومقدارها وكیفیة أدائها[4 ،[خاصة في الحالات التي لا یتوفر فیها أحد الطرفین على أي دخل قار، كما قد یتفق الطرفین على ألا یستحق أي منهما أي نفقة تجاه الآخر وهذا هو الملاحظ في أغلب الاتفاقات[5.[
هكذا فالحریة المطلقة في ترتیب آثار الطلاق الاتفاقي في ظل التشریع الأوربي، وخصوصا ما یتعلق بالنفقة من شأنها أن تقوي قانون الإقامة من جهة، و من جهة أخرى قد ینتج عنها مشاكل إثر المطالبة بتنفیذها أمام القضاء المغربي الذي قد لا یستجیب لها باستعمال آلیة الدفع بالنظام العام على اعتبار أن المشرع المغربي حصر أسباب النفقة في الزوجیة والقرابة والالتزام .[6[
هذه بعض الإشكالیات التي یمكن أن تطرح على مستوى النفقة بعد الطلاق الاتفاقي كمسلك یسلكه الزوجین رضائیا، فماذا عن الحكم بالنفقة أو التعویض التي تحكم به المحكمة في ضوء التشریعات الأوربیة؟
البند الثاني: الحكم بالنفقة عن طریق القضاء –فرنسا نموذجا-
یعني الحكم بالنفقة بعد الزواج أن التطلیق أدى بصفة نهائیة إلى اختفاء التعاون المادي الذي كان قائما بین الزوجین السابقین، الأمر الذي یستوجب الانفاق على الزوج ضحیة التطلیق وبخصوص هذه المسألة، یحكم القاضي بالنفقة في حالات التطلیق الآتیة:
1 .إذا تعلق الأمر بالتطلیق بناء عل طلب مشترك فان مشكل النفقة لا یطرح لان الزوجین یقرران في مذكراتهما اداء النفقة لأحدهما اذ دعت الضرورة الى ذلك .
2 .یستحق كل واحد من الزوجین في حالة التطلیق بناء على طلب احدهما وقبوله من الطرف الاخر وهذا لا یعني طبعا ان كل واحد منهما له الحق في هذه النفقة ولكن لا یمكن رفضها لهما، غیر ان الزوج الذي یوجد في وضعیة فقیرة هو الذي یستفید منها.
3 .اذا تعلق الامر بالتطلیق للخطأ فإن الزوج المخطئ هو الذي یحرم من هذه النفقة.[7 غیر أنه لم یبق الأداء الدوري للنفقة یشكل المبدأ، ویرجع سبب ذلك إلى المشاكل التي تترتب عن هذا الأداء، بل أصبحت النفقة تؤدى على شكل رأسمال، إما عن طریق أداء مبلغ معین من النقود دفعة واحدة، أو انتفاع الزوج الدائن بالنفقة ببعض الأموال المنقولة أو العقاریة للمدین بالنفقة وغالبا ما ینص هذا الانتفاع على المنزل الذي یكون الملك الشخصي للمدین أو على المنزل المشترك، وإما عن طریق إیداع قیم منتجة بین یدي الغیر الذي یكلفه بأداء عائدتهاإلى الزوج الدائن بالنفقة.
غیر أن الحق في النفقة ینتهي بوفاة الدائن ولكن وفاة المدین لا تؤدي إلى إنهاء هذا الحق الذي ینتقل إلى الورثة الذین یمكن لهم أن یطلبوا مراجعتها حسب وضعیتهم. [8 [عكس القانون المغربي الذي یرتب على وفاة المدین بالنفقة أي الزوج وضع حد للرابطة الزوجیة و لنفقة الزوج على الزوجة بالتبعیة.[9 .[كما تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي یقر للخلیلة بنفس الحقوق المعترف بها لصالح الزوجة[10 ،[وبالتالي مرة أخرى قد تفاجأ الزوجة أو الخلیلة بعدم قابلیة تنفیذ الأحكام الصادرة بالنفقة
في الحالات أعلاه أمام القضاء المغربي دفعا بالنظام العام. ومن الإشكالیات التي تواجهها المطلقة المغربیة في المهجر،نجد مفارقة بین التشریع المغربي والتشریع الأوربي فیما یخص مستحقاتها المالیة، إذ أن النفقة لصالح
هذه الأخیرة طبقا للقانون الأوروبي غیر محددة بفترة معینة، على خلاف التشریع المغربي، حیث تنص الفقرة الأولى من المادة 84 من مدونة الأسرة “ تشمل مستحقات الزوجة الصداق المؤخر إن وجد، ونفقة العدة والمتعة التي یراعى في تقدیرها فترة الزواج والوضعیة المالیة للزوج، وأسباب الطلاق، ومدى تعسف الزوج
في توقیعه“، مما یجعل الأحكام المغربیة في هذا الإطار غیر قابلة للتطبیق في أوربا، حیث استبعدت محكمة الاستئناف ببروكسیل القانون المغربي للأسرة فیما یخص تقدیر نفقة الزوجة المطلقة، لأن هذه النفقة محددة لفترة معینة ( العدة )، ولذلك اعتبرت هذه الأخیرة أن القانون المغربي للأسرة یتعارض مع النظام العام البلجیكي والنظام الأخلاقي للأسرة الذي لا یقید النفقة بفترة محددة.
المحور الثاني: انعكاسات التشریعات الأوربیة على نفقة الطفل المغربي في المهجر
باستقراء فلسفة التشریع الأوربي فیما یخص نفقة الأطفال یلاحظ أنه یلزم الأبوین بالنفقة على وجه المناصفة (أولا) كما أنه یسوي فیها بین الابنین الطبیعي والمتبنى مع الابن الشرعي.(ثانیا).
أولا: مبدأ الانفاق مناصفة على الأطفال في التشریع والقضاء الفرنسیین وأهم الإشكالات المرتبطة به
غني عن البیان أن المشرع المغربي قد حافظ على قاعدة كون الاب هو الملزم بالنفقة باستثناء حالة العسر، والتي تتحمل فیها الام الموسرة اداء ما عجز عنه الاب. أما بالنسبة للتشریعات الاوروبیة فإنها تخضع هذه النفقة لمبدأ المساهمة بین الوالدین في تحملها، فینص الفصل 371 من القانون المدني الفرنسي على مساهمة كلا الابوین في الانفاق على الاطفال وتربیتهما حسب موارد كل منهما وكذا حاجیات الطفل . ولذلك ذهب القضاء الفرنسي في كثیر من احكامه الى تطبیق مبدأ المساهمة في نفقات الاولاد على الزوجین المغربیین[12 .[
وینبغي الإشارة في هذا الصدد أنه بالرغم من مخالفة هذه الأحكام لمدونة الأسرة المغربیة فإن القاضي المغربي یجد نفسه مضطرا لتنفیذ مقرر الحكم بالنفقة الصادر بفرنسا، لأن الاتفاقیة المغربیة الفرنسیة تشیر في الفصل 27 منها إلى أنه لا یحق لإحدى الدولتین في مادة النفقة أن ترفض حكم صادر عن الدولة الأخرى بشرط أن تعلل المحكمة مصدرة الحكم اختصاصها
الترابي بكون الإقامة العادیة لمستحق النفقة كانت فوق ترابها، وإذا طبقت قانون محل الإقامة العادیة لمستحق النفقة.
ومن الإشكالیات التي أفرزها العمل القضائي المغربي، أن الزوجة في المهجر قد تعمد إلى اللجوء للقضاء المغربي قصد استصدار حكم یلزم الزوج بالنفقة علیها وعلى أبنائها بعد امتناعه عن الأداء بموجب دعوى قائمة أمام القضاء الفرنسي، حتى تتفادى قانون إقامتها الذي یلزمهما معا بتحمل أعباء النفقة مناصفة، إلا أنها تفاجأ بعدم قبول طلبها بعلة سبقیة البث من قبل حكم أجنبي، حیث جاء في قرار صادر عن محكمة النقض[13 [ان الطالبة تقدمت بدعوى للنفقة علیها وعلى ابنیها اثر امتناع الزوج عن الانفاق امام المحكمة الابتدائیة بوجدة موازاة مع دعوى قائمة امام القضاء الفرنسي، فقضت المحكمة الابتدائیة بوجدة بنفقتها ونفقة ابنیها الحكم الذي استأنفه الزوج بناء على كون القضاء الفرنسي قد حسم في الخلاف محددا مبلغا للنفقة قبل صدور الحكم المغربي، فنص القرار على مایلي :“حیث صح ما عابه الطاعن على القرار المطعون فیه ذلك انه بمقتضى الفصل 418من قانون الالتزامات والعقود فان الاحكام الصادرة عن المحاكم الاجنبیة تكون حجة على الوقائع التي تثبتها حتى قبل صیرورتها واجبة التنفیذ والثابت من اوراق الملف ان الطاعن ادعى الانفاق بدولة فرنسا حیث مقر سكن الطرفین واستدل على ذلك بأمر بعدم الصلح صدر عن المحكمة الكبرى في بوبیني بفرنسا بتاریخ 2004/5/24 والذي قضى بجعل مصاریف الولدین یاسین وأیوب على عاتق الطاعن والمطلوبة مناصفة بینهما الشئ الذي اكده الحكم الصادر عن نفس المحكمة بتاریخ 2005/10/04والذي تم تذییله بالصیغة التنفیذیة من طرف المحكمة الابتدائیة ببركان بتاریخ 2006/04/13والمحكمة لما قضت على الطاعن بأدائه نفقة المطلوبة وولدیها عن الفترة التي كانا فیها في نزاع امام المحكمة الاجنبیة والتي حسمت فیها هذه الاخیرة بمقتضى الحكم المومأ الیه اعلاه تكون قد اقامت قضاءها على غیر اساس وعللت قرارها تعلیلا فاسدا وهو بمثابة انعدامه مما یعرضه للنقض“ [11
ثانیا: مسألة حق الطفل الطبیعي والمتبنى في النفقة – مزایا في الخارج ومركزیة الدفع بالنظام العام في الداخل
نظرا لاعتماد مدونة الأسرة أحكام الفقه الإسلامي كمصدر مادي لها، خاصة في مجال النسب فإنها لم ترتب على الابن الطبیعي أي أثر من آثار النسب، وبالتالي فإن من تسبب في حمل أمه یكون غیر ملزم بالنفقة علیه، وما یقال عنه یقال عن المتبنى، على اعتبار أن مدونة الأسرة اعتبرت التبني باطلا من خلال المادة 149.
إلا أن التشریعات الأوربیة أغلبها تقر لهما بالحق في النفقة أو التعویض، فالابن الطبیعي من خلال القانون المدني الفرنسي له أن یطالب بالنفقة من الشخص الذي كانت له علاقات جنسیة مع أمه خلال المدة القانونیة للحمل[14 ،[كما یمكن للأم أن تقیم الدعوى بالنفقة على مجوعة الأشخاص الذین كانت لهم علاقات جنسیة خلال مدة الحمل، ویمكن للمحكمة أن تحكم علیهم جمیعا أو على واحد منهم بالتعویض (ولیس النفقة) لتأمین الانفاق على الطفل وتربیته. [15 [أما الطفل المتبنى في دول المهجر التي تأخذ بنظام التبني فإنه یتمتع بحق الإنفاق علیه من قبل المتبني بقوة القانون، ولا ینتقل هذا الالتزام لأسرته الأصلیة إلا في حالة عجز المتبني عن أدائها. [16]
كل هذه الضمانات التي أشرنا إلیها من الطبیعي أن تدفع ببعض الأسر المغربیة في المهجر إلى اختیار قانون الإقامة للاستفادة أكثر من هذه المزایا، خصوصا الأسر التي تجردت من هویتها الوطنیة وانصهرت في ثقافة المهجر. إلا أن هذه الأسر سرعان ما تصطدم مع إشكالیة الدفع بالنظام العام المغربي الذي لا یعترف بغیر النسب الشرعي وما یرتبه من آثار.
ولذلك فإن من شأن اعتماد ضابط الإقامة الاعتیادیة في تحدید قانون التطبیق فیما یخص نفقة الأبناء أن یخلف عدة مشاكل خاصة عندما یتعلق الامر بنفقة الإبن الطبیعي أو الإبن المتبنى، إذ قد تصدر أحكام من القاضي الأوربي تلزم بمقتضاها الآباء بالإنفاق على هؤلاء الأبناء، مما قد یطرح مسألة الاعتراف بهاته الأحكام من طرف القاضي المغربي الذي قد یحتج بمقتضیات النظام العام المغربي التي لا تعترف إلا بالإبن الشرعي(بالنسبة للأب).[17[.
[1 [المادة 16″تتخذ الدول الاطراف جمیع التدابیر المناسبة للقضاء على التمییز ضد المراة في كافة الامور المتعلقة بالزواج والعلاقات الاسریة ”
[2 [منیر شعیبي، قانون الأسرة المغربي أمام القضاء الأوربي أیة إمكانیة للتطبیق، د د ع في القانون الخاص، كلیة الحقوق بفاس 2006 ،ینظر في هامش ص 65
[3 [ادریس الفاخوري ، دور الإرادة في إنهاء عقود الزواج على ضوء مدونة الأسرة، مجلة الملف العدد 4 شتنبر 2004 ،ص 68
[4 [قد تكون نفقة شهریة
[5 [سناء العاطي الله، الطلاق الاتفاقي في المهجر، د د ع م، كلیة الحقوق بفاس، 2006 ص 53– بتصرف-
[6 [قد یتم الدفع بأن النفقة في موجب الاتفاق تعتبر التزاما لكن قد لا یقبل بحجة أن مستند الاتفاق في الخارج كیف على أساس ”النفقة على المطلق أو المطلقة“
[7 [محمد الشافعي، الأسرة في فرنسا دراسات قانونیة وحالات شاذة، سلسلة البحوث القانونیة 3 ط 1 مراكش 2001 ص 319 و320
[8 [نفس المرجع أعلاه، ص 320 و321
[9 [محمد الكشبور، الواضح في شرح مدونة الأسرة، الجزء الأول، الزواج ، ط3 2015 ص 540– بتصرف-
[10 [بدر حافیظي، الوضعیة القانونیة الأسریة للجالیة المغربیة بأوربا ومستجدات مدونة الأسرة، د دع م في الشریعة، كلیة الشریعة فاس السنة الجامعیة 2004-2005 ص
49
[11 [جمال الخمار“ تحدید مستحقات المطلقة – المتعة نموذجا –“الرابط com.marocdroit.www ://http تاریخ الاطلاع 2018/04/17
[12 [جمیلة المهوطي ”الحقوق المالیة للزوجة والاطفال المقیمین بالخارج بین القضاء الاوروبي والقضاء المغربي ”مداخلة في ندوة دولیة بتاریخ 9و10ابریل 2010 تحت
عنوان ”تطبیق مدونة الاسرة في المهجر ”منشورات مختبر البحث في قانون الاسرة والهجرة كلیة العلوم القانونیة والاقتصادیة والاجتماعیة بوجدة ص422_423
الفصل 142 من القانون المدني الفرنسي[14[
محمد الشافعي، الأسرة في فرنسا، مرجع سابق، ص 113 و114و 115– بتصرف-[15[
نفس المرجع أعلاه ص 84– بتصرف-[16[
[17 [ابراهیم بوش، محددات النظام العام في العلاقات الأسریة –بین الثبات والتطور-، د د ع، كلیة الحقوق وجدة، جامع محمد الأول، السنة الجامعیة 2009 ،ص